منذ زمان والمعنيون بالشأن العبدلاوي (نسبة لمنطقة أيت عبد الله، بإقليم تارودانت) منتخبون كانوا، أو جمعويون، عقلاء، إنفلاس أو فاعلون إقتصاديون ومؤخرا، مؤثرون شباب على شبكات التواصل الإجتماعي، يحاولون تناقل وصفات للنهوض بالشأن المحلي ووضع المنطقة على سكة التنمية، لتدارك التأخر الزمني والتفاوتات المجالية واللحاق بركب التنمية الملاحظ عند جيراننا بأملن وتفراوت مثلا، وغيرهما؛ دون الإهتداء لإيجاد وصفة وخلطة سحرية تخرج الساكنة من التخبط في تحديات القرن الماضي. فقط لأن خوارزميات لعبة أو منظومة التنمية لا تقبل العبث، ولا تسمح أن يسبق الجواب الجاهز السؤال، أو النتيجة المتكهنة المحاولة. والحال أن العالم والواقع اليوم يسمح أكثر بإستنباط النتائج وفق قواعد المنطق.
بالفعل، رغم نداءات القوى الحية، وتشجيع بعض الفاعلين الإقتصاديين، ومبادرات المجتمع المدني الخلاقة، وجهود المنتخبين المحتشمة لم تكتمل صورة أيت عبدالله النامية على الطاولة المكونة من قطع “البازل” puzzle أو أجزاء الصورة المتقطعة، بعد. لا لشيء، سوى لأن الملاحظ، أنه كلما عثر أحد المشاركين على القطعة الملائمة لتنضاف كجزء لتكتمل جمالية الصورة، سحب المشارك الآخر في اللعبة، خفية، قطعة من الجوانب المؤتثة للصورة، ليرجعها للكم الهائل من القطع الفوضوية. لمجرد أنه لا يروقه الحل، ولا تخدم أجندته أن تكتمل الصورة الحية. يريد أن تبقى الصورة ميتة، مبعثرة وغير واضحة المعالم. يفضل أن ينتفع بمفرده وسط الأوراق المبعثرة، وتنفرج روحه حين تعم الفوضى، ويعيش في العبث ليقتات من إمتصاص دماء الضحايا في الظلام. يزعجه ضوء الشمس الوهاج ووضوح الرؤية، مثل الشخصية الأسطورية “دراكيلا” Dracula، الذي يخشى النور الطبيعي ويختفي عند الطلائع الأولى للفجر.
في “أيت عبد الله” هناك أفكار أستخف بها، وتعاونيات أنشئت وجمدت، جمعيات تكونت وبقيت حبيسة الورق او إنفجرت وفرخت أخرى لتعمق الشتات، أنشطة لم تحقق أهداف، مبادرات حطمت وأسقطت كطائرات من ورق، مشاريع قبرت، او أنجزت وطالها النسيان، أوراش توقفت وسط الطريق، وعود غاب أصحابها، ميزانيات أهدرت، وأخرى أعتبرت في عداد المفقودين؛ إلا من رحم ربك وهو قليل، يكاد لا يرى نوره.
بالفعل، يبدو أننا ندور في حلقة مفرغة، وسنظل نطوف كطواحن الهواء دون نتيجة تذكر. فلماذا جعجعة طاحونتنا لا تنتج طحينا؟ هل هذا قدرنا وحظنا المشؤوم مع التنمية؟ وهل أصواتنا كتب لها آذان صماء؟ وهل مصيرنا إجترار الفشل، وصراعنا من أجل حياة أفضل غالبا ما تصل للطريق المسدود؟.
تساؤلات عديدة يتداولها المجتمع العبدللاوي سرا أو جهرا، دون الطمع في جواب مقنع وشاف كالعادة.
أحيانا، نظريا وفي صالونات المنازل، وجلسات المقاهي، وموائد الولائم المسائية، ودردشات الهواتف الذكية منطلقة اللسان ليلا، تنتج أفكار واعدة، نظريات براقة فتبدو الأمور سهلة والحلول جاهزة. لكن سرعان ما ينام شهريار، وتبقى شهرزاد تحكي حتى تظهر طلائع الفجر، دون أن تشرق شمس “أيت عبد الله”. وهل يدرك شهريار “أيت عبد الله” البشائر الأولى للصباح يوما، قبل أن تنتهي شهرزاد من الحكي؟
وأحيانا أخرى، يكبر الحلم، ويكبر معه الأمل، ويبدأ الأفق يتضح، لكن سرعان ما تغلب عليه الدسائس والكولسة وتطغى النرجيسية، والإحتماء بالروابط الأسرية، وتطغى العاطفة على المنطق والصواب، وتظهر ألسنة المخاوف السلبية، وتنسج نظرية المؤامرة، ويبدأ التخويف من النوايا المبيتة، وتنتصر صمامات العدمية التي تجر بقوة للوراء، فتقبر التفرقة الحلم الواعد. وبعد حين، تطفو على السطح حجج غامضة لتحلل الفشل، وتعطي للأسباب الواهية معنى، يؤمن بها ويجترها من يرى حد أنفه أفقا.
في “أيت عبد الله” كلنا وعود، من منا لا يطلع الكف، أو يقرأ بقايا القهوة في الفنجان؟ وجميعا ندعي معرفة مآل البطل قبل نهاية القصة. فلاداعي إذا لإكمال المسلسل، كلنا سبق لنا أن شاهدناه.
موعدنا مع مسلسل آخر أكثر تشويقا في طور التصوير، بسيناريو يحمل مفاجآت، فلا تدعوا مرة أخرى أنكم تعرفونه!!!
بصراحة، مايجمعنا، بسوس عامة وأيت عبد الله بالخصوص، أكثر مما قد يفرقنا. يوحدنا الأصل والإنتماء، وتجمعنا الأهداف التنموية. قد تفترق طرق الوصول إليها، وسبل نهج المقاربات الميدانية التي تباعد وجهات النظر. لكن السهم القاتل هو الإفراط في التعالي وعلو الأنى والتمادي في تغذية الشتات وكبح إرادة التغيير.
وكخاتمة تفاؤلية، وسط هيمنة التشاؤم، ستستمر المحاولات لدعم مجتمع مدني حيوي، فعال، ومتماسك. وستخرج مبادرات متجددة للوجود بالإمكانيات المتاحة، لتعزيز فرص بناء أفراد ومجتمعات مسايرة للعصر، قوامها التكتل لدحر التحديات. لأنه في آخر المطاف، الطبيعة لا تحب الفراغ، و لا صبر للزمان لتحمل طول الإنتظار، ولا مكان للعدمية وسط أحفاد أجداد منطقة، قاوموا المستعمر وصنعوا التاريخ، وقهروا قساوة الطبيعة بالصبر وبالعيش وسط جفائها.
تصبحون على غد أفضل، ومجتمع أكثر وعيا بواقعه ومتطلعا لمستقبله، وتغيير منتج، لأننا، بكل بساطة، في أيت عبد الله نستحق الأفضل.
رئيس جمعية تيويزي للتنمية الإجتماعية لأيت عبد الله
طبعا لابد لليل ايت عبد الله ان ينجلي بشرط خلوص الارادة ، والا سيظل الظلام سيد الميدان، وسيظل الليل مستبدا بستاهل.
ايت عبد في حاجة على تنمية حقيقية وليس الى تنمية معطوبة.
بوركتم استاذي الفاضل سيدي امحمد القاضي وسلمت يمينكم ، على هذه الكلمات التي تحمل هما ثقيلا وتفيض بالمشاعر النبيلة تجاه القبيلة المجال و الإنسان والتراث و تشع بالتفاؤل وتبعث على الامل من أجل غد أفضل ومستقبل مشرق وزاهر. تحياتي وتقديري ومحبتي ????❤️????