وداعا يا صديقي.. لقد عشت فيها حرا وأنهيتها كريما.. اخترت الحرية بدل المذلة.. وكان الثمن هو الموت.. كنت تعرف أن بقاءك في الوطن سينتهي بالإعتقال أو الإستشهاد.. فقد اعتقلوك مرة ومرتين ومرات.. وخضت إضرابا عن الطعام بل إضرابات.. ولما أفرجوا عنك.. لم تغادر بلادك.. وكنت عنيدا لدرجة أنك استمررت كل مرة في النضال.. لماذا لم تتراجع يا كمال ولما لم تصمت ولماذا لم تخرج من بلادك طالبا اللجوء في بلاد أخرى.. رغم أنك أب لثلاثة أولاد.. لماذا يا كمال؟؟ لأنك لم تكن مناضلا فحسب يا كمال بل كنت مؤمنا.. مؤمنا بقضيتك إيمانا لا يضاهيه سوى إيمانك بالله.. رأيتك تتكلم وتصلي.. أحببت شعبك ومذهبكم الإباضي..
رأيت أمازيغ مثلك في “الريف” يرفعون بأعلى صوتهم “الموت ولا المذلة” أمام أنظار الجلاد ومطرقة قضاته.. رأيت أمازيغ مثلك في ليبيا.. أمازيغ قوميون إباضيون.. يحملون السلاح بيد وفي اليد الأخرى العلم الأمازيغي.. يصرخون “أزول” و”الله أكبر”.. ويطلقون النار دفاعا عن قضيتهم وأرضهم.. أنت لم تحمل سلاحا يا كمال ولم يفرض عليك خوض حرب.. بل مثل ذلك.. فقد هاجمت مليشيات عرب الشعانبة المدعومة من النظام في عهد بوتفليقة أحياؤكم وأحرقت بيوتكم ومزارعكم ودنست مقابركم ومآثركم.. ولما تكلمت تنديدا بذلك، اعتقلوك لسنين بلا محاكمة.. وحاكموك بعدها ظلما.. ورغم كل التنديد الدولي بما تعرضت له استمر النظام باضطهادك.. لقد قمت بواجبك يا كمال على أكمل وجه.. الآن سترتاح.. مظطرا سترتاح..
..أنت رجل مؤمن يا كمال فالموت بالنسبة إليك ليس نهاية الطريق.. رغم أنك لم تكن تطلب الموت ولم ترد أن تموت.. فمن سيقبل أن يحرم من رؤية وجوه أطفاله الأبرياء.. لا أحد ولا حتى أنت يا كمال.. لكنهم لم يتركوا لك خيارا غير الإضراب عن الطعام الذي سبق وجربته مرات كثيرة لنفس المدة وأكثر.. لكن هذه المرة يا كمال لم يحتمل جسدك المنهك من السعي وراء الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة والكرامة.. فواداعا يا صديقي.. وداعا أيها المناضل الشجاع.. وتعازي الحارة لأطفالك الثلاثة وزوجتك ولأصدقائك في النضال “خضير السكوتي” وصلاح عبونة اللاجئين، ولكل أهلنا في غرداية ولكل الأمازيغ ولكل الحقوقيين..
آه يا كمال لو يثور كل الأمازيغ.. لو يخرج كل الأمازيغ للشوارع.. حينها فقط يا كمال.. حينها سننتصر.. وحينها لن يستشهد أو يعتقل أحد.. لأننا بالملايين يا كمال.. ومتواجون في كل شمال افريقيا.. لكنك يا كمال دفعت ثمن الحفاظ على شرارة الثورة متقدة.. في انتظار أن يستيقظ شعبنا.. لا ندري من سيستشهد بعدك يا كمال.. فهم يقتلون أحرار شعبنا تدريجيا ويعتقلونهم تدريجيا لأن شعبنا لم يتشجع بعد.. لكن يا كمال أملنا في شعبنا لا ينتهي وإيماننا بالله كبير.. وبالأمل والإيمان استمررت..
سنستمر على دربك يا كمال لأن الموت والإعتقال صار أهون بكثير الآن، فقد سقط قبلك من الشهداء ما يكفي لكنك النقطة التي أفاضت الكأس.. فلعنة الله على الظالمين من النظام المغربي مرورا بالجزائري وانتهاء بمليشيات مرتزق الخليجيين “حفتر” في ليبيا.. فلترقد روحك الطاهرة بسلام يا كمال.. ولترقد كل أرواح شهدائنا الأحرار بسلام.. حسبنا الله ونعم الوكيل في الظالمين.. حسبنا الله ونعم الوكيل..
من صفحة ساعد الفرواح على فيسبوك