بقلم: أحمد الدغرني
وصلني خبر وفاة محد المنور،أسابيع قليلة بعد أن لقيته آخر مرة في لقاء تأبين الفقيدة حادة اوعبو بشاطئ تمارة،ولم أكن أعرف عنه الكثير ممايسمح لي بالكتابة عنه، لكني وجدت أنه شخصية أمازيغية تستحق العناية بكتبه،بعد مماته، وهي أحسن طريقة لتكريمه، فوجدت فرصة جمع كتبه فوق مكتبي، وسألت نفسي ماهي منهجية التعامل مع أمواتنا من نوع محمد المنور؟ فوجدت أن المنهجية تفرض أن نضعه في قائمة لها خصائصها التي تتلخص في:
1-كونه كاتب أمازيغي فرنكوفوني،ينتمي الى مدرسة،موجودة قبله وبعده،يمثلها كنموذج محمد خير الدين،والمحجوب احرضان، والحسن بروكسي…
2- كاتب أمازيغي يكتب عن الأمازيغية والأمازيغ ولم ينجز كتابا بلغة الأمازيغ
3-يحاول في كتاباته أن يجمع بين خدمة الأمازيغية والحكم المخزني، ربما تحت تأثير ارتباطه الإداري بالوظائف المخزنية.
4-ومنهجيا حسب رأيي ينبغي أن نهتم بكتبه ومنشوراته، وليس ذاته كإنسان.
وقررت، قبل عبء الكتابة تحمل مشقة القراءة، ومن يتكلم عنه بدون قراءة كتبه ، فلن يأتي بكلام مفيد للشباب الأمازيغي ولكل الناس، وبدأت بالتعبير عن إعجابي بكونه ترك حسب علمي سبعة كتب مطبوعة، وكلها مكتوبة بالفرنسية،سوى كتاب عن المرحوم الدكتور عبد المالك أوسادن تحت عنوان :” L’Amazighitė en devenir” Legs de l’un de ses vétérans . Feu DR Osaddenالذي يحتوي على مداخلات مشاركين في تأبين اوسادن بالعربية .
وهذا الكتاب صدر سنة 2005 و يهمني شخصيا لأنه تحدث عني من خلال صفحاته،كما ذكر عشرات من نشطاء الأمازيغية الحاليين وغيرهم، كمحمد شفيق، ومحمد بودهان، وحا أودادس ،ولحسن كاحمو، ومحمد اجعجاع،والحليمي العلمي ،ولحسن والحاج ،وَعَبدالجابري ،والدكتور الخطيب ….
…وكثير من الأماكن في المغرب وأوروبا، والحوادث السياسية كالإنقلاب العسكري،وحكومة التناوب، ووالجمعيات الأمازيغية وفكرة ظهور الحزب الأمازيغي بالمغرب، وهي مواضيع تهم شباب هذه الفترة من تاريخ الحركة الأمازيغية من خلال وجهة نظر بعض الشخصيات التي لعبت أدوارا سلبية أوايجابية لابد من معرفتها وانتقاد جوانبها السلبية وادراك محاسنها الأيجابية من خلال سيرة الدكتور أوسادن ،والكاتب لمذكراته وهو المعني هنا محمد المنور.
والكتاب الثاني المكتوب بالفرنسية وهو تحت عنوان:” Tamazight. La constitualisation ou la mort”صدر سنة 2006 بمساهمة “مجموعة “جهوية أمازيغية تنتمي الى منطقة نواحي مكناس وتافيلالت ،يلح المؤلف على تحديد أسمائها ولوائحها في صفحات الكتاب، وتدور حول استثمار خطاب اجدير(17اكتوبر2001) الذي القاه الملك محمدالسادس،ويخص القسم الأول من الكتاب لستة مواضيع تتعلق بوظائف اللغات بصفة عامة، وهو تلخيص لأفكار بعض المؤلفين والكتاب،دون أن يبرز فيها الكثير من جديد حول الأمازيغية،سوى أنها تقرب للفهم غير المختصين من دارسي الأمازيغية،وقد أصبحت من خلال كتاب جديد صدر للكاتب الشاب الحسن اوزرغبلت تحت عنوان “اللغة والسلطة، في تدبير التعدد اللغوي الأمازيغي بالمغرب” صدر سنة 2018 وهو دراسة جامعيةً، أكثر تفصيلا، وتكملة لمجهود محمد المنور وغيره في هذا المجال ،والقسم الثاني خصصه للتعدد اللغوي كنظرية عامة، واللغة الوحيدة كنظرية أيضا، والقسم الثالث لشمال إفريقيا، ووصل إلى ذكر الحركة الثقافية الأمازيغية في الصفحة 133.
ويظهر هاجس خطاب اجدير ،والإنتماء اللغوي والتاريخي لجهة تافيلالت مكناس سائدا في صفحات الكتاب،وربما الابتعاد التنظيمي والميداني لمحمد المنور جعله يقضي جل صفحات الكتاب عن الدسترة دون التطرق الى مجهودات الحملة التاريخية التي خاضتها الجمعيات الثقافية الأمازيغية بواسطة مجلس التنسيق بتوجيه مذكرة الى الملك الحسن الثاني حول دسترة الأمازيغية أثناء التعديلات الدستورية لسنة1996 والعرائض التي وقعها آلاف الشباب والطلاب حول تعزيزوفرض هذا المطلب،وكذلك الكتاب الذي نشرته شخصيا في تلك المناسبة تحت عنوان الأمازيغية والتعديلات الدستورية، وهو أول كتاب في تاريخ الشعب الأمازيغي كله يتعلق بالدسترة. كما لم يأخذ الكتاب مجهودات الريفيين والسوسيين في معركة الدسترة في الفترة التي تناولها الكتاب،ولعل الآخرين ممن يقدرون على تكملة الموضوع من جميع جوانبه،سوف يسدون هذا النقص.
والكتاب الثالث يحمل عنوانLe Sud- Est marocain .Le cas du Dades صدر سنة2004، وهو دراسة ميدانية،وضح الكاتب هذه المرة أنه يشتغل فكريا على رفع التهميش عن منطقة الجنوب الشرقي التي يشير أنها مهمشة، ويضع نفسه قد ولد بقلعة مكونة سنة1951 وهو مجهود يستحق القراءة في وقتنا هذا حيث تفرض الظرفية السياسية لحراك الريف، وتأزم الوضع في الصحراء ،وطرح المخزن لمشروع الحكم الذاتي ،وانطلاق ماسموه بتفويت بعض السلطات المركزية الى الجهات، ليكون كتاب محمد المنور نموذجا لكل كتاب الجهات المهمشة،ليكتبوا عنها،ليحيوا الجهوية الثقافية التي لاتمارسها مناهج التعليم المخزني،وهذا الكتاب هو الذي طوره المؤلف وجعله رسالة دكتوراه في التاريخ والتراث ناقشها في 24دجنبر 2011 ونشرها في جزءين تحت عنوان:Dads ,de l’organisation sociale traditionnelle à la domination coloniale ضمن مطبوعات المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية،تي دراسة جامعية خضعت لمناقشة علمية من طرف هيأة الباحثين المختصين ونجح فيها هي مرجع علمي يستحق القراءة،وبعد سنة 2011 إنصرف محمد المنور الى كتابة نصوص أدبية عبر فيها عن عواطفه وتأملاته وسيرته الذاتية منها كتاب: Parcours…la passion d’un destin نشره سنة 2012 عاد به الى نوع من الإنتاج النثري كان مارسه في بعض النصوص المتفرقة، وكتاب Tahmidoucht الذي نشره سنة 2008.
وأخيرا فان الهدف الأساسي هو أن نهتم بموتانا لكي لاتموت معهم كتبهم وجهودهم،ونضالهم،لأن مناهج الدراسة والتربية والتكوين المخزني العمومي لايقوم بهذه المهمة.
وذلك حتى لو اختلفنا حول مضمون الكتب ،وسلوكيات الأشخاص…
الرباط 10 أكتوبر 2018