رمز من رموز الأصوات الموسيقية المغربية الشابة التي تسعى لنقل الثقافة المغربية الغنية خارج الحدود. بفضل إصرارها، تحرص “يوبانا” على مواصلة مسيرتها الفنية، وتقديم نموذج للشباب الأمازيغي المغربي المبدع، محاولة التعريف بالتراث الموسيقي المغربي والتفاعل مع ثقافات موسيقية إفريقية متنوعة، بالرغم من الصعوبات التي تواجهها إسوة ببعض الفرق الموسيقية الأمازيغية الأخرى.
“يوبانا” المجموعة الموسيقية الشابة القادمة من مدينة أكادير، والتي سبق لها أن تربعت على عرش “الترومبلان” بحصولها على الجائزة الأولى في صنف موسيقى الفيزيون خلال مهرجان البولفار 2023.
في هذا الحوار حدثتنا فرقة “يوبانا” عن بداياتها الأولى في عالم الموسيقى، وعن التحديات التي واجهتها، فضلا عن آخر أعمالها الموسيقية، وكذا انشغالاتها وتطلعاتها المستقبلية، مؤكدة على أن موسيقاها تستمد روحها من تراث “اسمكان” وإيقاعات “تاسكيوين” و”أحواش”.
مرحبا بكم على صفحات جريدة “العالم الأمازيغي”، كيف كانت بداية فرقة “يوبانا”؟ وما الذي ألهمكم لتأسيس فرقة موسيقية تجمع بين الحداثة والتراث الأمازيغي؟
أولا شكرا على اتاحتكم لنا الفرصة عبر الجريدة للتواصل مع قراء «العالم الأمازيغي» ومحبي مجموعة «يوبانا» الموسيقية.
كما تعلمون، المجموعة تتكون من أيوب بن عزو، المزداد بمدينة أكادير، وبحكم ظروف عمل الأب، انتقلنا إلى تافراوت، المنطقة التي تزخر بمناظر طبيعية ملهمة للإبداع والإلهام الموسيقي، هذه المدينة التي احتضنت مساري الدراسي الأولي، وفي حدود 2013 ولجت عالم الموسيقى كضابط ايقاع خصوصا برفقة مجموعات فن تزنزارت، وبعدها فكرت بشق طريقي الموسيقي منفردا وبأسلوب جديد، بحكم تعلقي الشديد بفن تكناويت واسمكان، لأفكر بتأسيس فرقة عبر البحث عن شباب يعزفون مختلف الآلات، وهذا ما شجعني على تعلم بعض الآلات كالقيثارة والبيانو لتغذية شغفي الموسيقي، والإلمام بمختلف أساليب التلحين والتوزيع الموسيقي، لأبدع لحنا وتوزيعا، من هنا كانت الانطلاقة عبر الموسيقى الأمازيغية والتراث الأمازيغي، ملهمين موسيقانا من الفنان علي فايق، رباب فيزيون وآخرون.
كما تضم أيضا مروان زكي عازف القيثارة، وكذلك مساعد في التسجيل والمكساج لجل الأغاني التي أصدرناها، وكذلك زكرياء بن عزو عازف آلة Basse، ومهدي سيدين في آلة La Battrie والذي يمنحنا طاقة إيجابية لإيصال صوت المجموعة للشباب، هؤلاء بالإضافة إلى طارق الأدهم في الإيقاع والذي لا يبخل بإتحافنا بإيقاعات أمازيغية أفريقية من تراثنا «اسمكان» و»أحواش»..، وصلاح ففاح بربابه ولوتر وكمانه يبدع ايقاعات أمازيغية غنية.
أعضاء لكل واحد منهم بصمته الخاصة، لإضفاء جمالية واحترافية على إصداراتنا الموسيقية.
كيف اخترتم اسم الفرقة؟ وهل له دلالة خاصة بالنسبة لكم أو بالنسبة للثقافة الأمازيغية؟
هنا أود أن أشير أن اسم المجموعة الأولي، هو «Igwi Taddagt» لقب حاولنا المزج بين «Taddagt» المعروفة بها مدينة تافراوت و«Igwi» التي تعني المجموعة في لغة النيجر، وذلك لإضافة البعد الإفريقي لمجموعتنا، وهذا من 2014 إلى حدود 2017، محاولين تطوير موسيقانا والتعمق في فن «اسمكان» وفن «تاكناويت» بالخصوص، لإعطائها لمستنا الخاصة، مع مزجها بفنون أخرى ك»أحواش»، تجربة لم تستمر طويلا لتتوقف المجموعة.
بعدها غردنا منفردين تحت لقب «يوبانا» وهو الاسم الفني لأيوب، ممثل المجموعة التي انطلقت رسميا سنة 2019 بمدينة أكادير بحكم التحاقي بها لإكمال دراستي، وهنا تعرفت على شباب شغوف موسيقيا، بمقر يسمى «دشار الزاوية» حيث يجتمع مختلف الشباب للتدريب الموسيقي، أكادير منبع الاكتشافات الفنية وكبار الفنانين، منها تشكلت المجموعة برفقة شباب طموح يحاول تطوير موسيقى فن «تكناويت» و»اسمكان».
أما لقب «يوبانا» فقد أتى صدفة، وهو مشتق من كلمة أيوب وهو رئيس المجموعة، مما يعني «يوبا نا»، و»يوبا» نسبة للملك الأمازيغي و»نا» تعني «ديالنا» أي من بني جلدتنا، وذلك من خلال بعض الأصدقاء الذين ما انفكوا ينادوننا به، ليستقر أخيرا لقب فني للمجموعة.
ما هي أبرز التحديات التي واجهتكم كمجموعة موسيقية؟
كمعظم الفرق الموسيقية الأمازيغية العصامية، لا بد أن نشير إلى المشكل المادي والتمويلي للمشاركة في بعض المهرجانات الوطنية والدولية، لكن بعزيمة جل الأعضاء يتم تجاوزه، ولحدود الساعة المجموعة تخطو طريقها الفني بخطوات ثابتة، أما العقبات والمتاريس لن تثنينا عن مواصلة المشوار لإيصال رسالتنا، إذ منذ 2019 إلى الآن بصمت المجموعة اسمها في مختلف الفعاليات الثقافية ببلادنا وخارجها ولا زلنا.
كيف تصفون الأسلوب الموسيقي لمجموعة “يوبانا”؟ وما هي العوامل التي تؤثر في تكوين هذا الأسلوب؟
أسلوب يحاول قدر الإمكان المزج بين التراث المغربي الإفريقي بشكل عام، والأمازيغي بشكل خاص، مع مختلف الأجناس الموسيقية العالمية، إذ نحاول تدريب أذن المستمع الموسيقية على تقبل أسلوبنا، وبطبيعة الحال ننطلق من تراث «اسمكان» و»تكناويت» بالإضافة إلى إيقاعات «تاسكيوين» و»أحواش»، وكذلك ايقاعات الشمال والشرق المغربي، لخلق أسلوب مقبول وخفيف على الأذن والقلب، مستمدين بعض الأفكار من فرق أخرى كمحسن فولان ومهدي قانون، وذلك لخلق أسلوب «يوبانا» المتفرد، ويكون له حضور على مستوى الساحة الفنية.
كيف تختارون المواضيع التي تتناولونها في أغانيكم؟ وهل هناك قضايا معينة تشعرون بأنها تهمكم بشكل خاص؟
ككاتب كلمات المجموعة، نحاول دائما عبر كلمات بسيطة ونقية، إعطاء نفحة تحفيزية، ودفعة تفاؤلية، لمعظم المستمعين، وتشجيعهم على المضي قدما رغم أنف العراقيل، محاولين التطرق لمواضيع شعبية، كألبومنا الأخير الذي يحوي أغنية بعنوان «تايري»، تعالج الحياة البسيطة بين الجيران في الأحياء الشعبية، والحنين لها، وتدعو عبر ألحان تلامس تلابيب القلب وتطرب الأذن، كي نزرع الحب بيننا.
كيف ترون الألبوم المصغر “الحال” ضمن مسيرتكم الموسيقية؟ وهل ترونه نقطة تحول أو مرحلة جديدة لمجموعة “يوبانا”؟
بالنسبة لألبوم «الحال» يحتوي على سبع أغاني، وهو من آخر أعمالنا، هذا دون إغفال الأعمال التي لم ترى النور بعد، وبطبيعة الحال، كعادة المجموعة حاولنا ضمنه إمتاع المستمع بأسلوب سهل ونغمات بهية، ألبوم شاركنا فيه الفنان أيوب الروك في التوزيع، ومن كلماتنا وألحاننا، تطرقنا عبره لمختلف المواضيع عبر تناسق موسيقي، و»الحال» حالات كما يقال، إذ يمكن تفسيره كأحوال الناس ومعيشهم اليومي، ومرة أخرى كمجدوب أخذه الحال، وأحيانا رومنسي، كحال متيم أنهكه الهوى كما في أغنية «السالباني»، وأغنية «كانبا» وهي ذات طابع تحفيزي، كلمات كتبت بمداد تجربتنا الحياتية، وكيف تخطينا معظم الأزمات، لنصل إلى بر الأمان، مستحضرين كل من ساندنا في المحنة.
ألبوم لقى ترحيب واستماع منقطع النظير، وكانت ردود أفعال الناس رائعة، ولحدود الآن ما زالت الجماهير تطالبنا عبر السهرات التي نحييها بإعادة بعض الأغاني التي احتواها الألبوم.
حدثونا عن آخر إصداراتكم الموسيقية “بوهالا”، كيف جاءت فكرة هذا العمل الجديد؟
هي أغنية من الألبوم القادم «أشق سبيلي»، والمثقل بالمشاعر والموسيقى عبر إيقاعات مغربية وافريقية، ومواضيع جديدة ومختلفة، مع أنه سبق للجمهور أن استمع لبعض أغانيه عبر منصات المواعيد الثقافية التي شاركنا فيها، ألبوم تجسيدي لمسار المجموعة.
أما عن فكرة العمل، فتحكي عن انسان جوال ناصرا ثقافة معينة أو كما يصطلح عليه مغربيا بـ «البوهالي»، وكما يبين غلاف الأغنية، شخص ذو شعر كثيف وهذا حال «البوهاليين» والجوالين بقشابة مزركشة بألوان مختلفة، و»البوهالي» محلة من محلات «كناوة»، ومفاده أن الوصول إلى المراد، طريقه صعب ومليء بالتضحيات، وأن موسيقى «كناوة» لتصل إلى العالمية مرت عبر مراحل كثيرة من التعذيب والعبودية، وهذا ما تترجمه موسيقى «كناوة» عامة.
ما الذي يميز موسيقى “يوبانا” عن غيرها من الفرق الأمازيغية؟ وكيف تعبر موسيقاكم عن الهوية الأمازيغية؟
موسيقى «يوبانا» هو خليط من مختلف الايقاعات العالمية والمغربية الأمازيغية، لكن تبقى صبغتنا كفنانين عبر طريقة الإبداع والتوزيع الجديد وكذلك الصوت، وما يميزنا هو أننا كأمازيغيين، نحاول تقريب فن «اسمكان» وإعطائه صبغة جديدة، إذ أنه «تكناويت» وبلغة أمازيغية، وهذا ما نحاول التعبير عنه في الألبوم القادم «Hommage Isemgan»، والذي نتمنى أن ينال إعجاب ورضى الجمهور المغربي الأمازيغي.
تتويجكم بالرتبة الأولى ضمن مسابقة “ترومبلان” لعام 2023، هو إنجاز كبير! كيف كان شعوركم عند استلام الجائزة؟
وراء هذه المسابقة قصة درامية، إذ أننا شاركنا في «الترومبلان» سنة 2023، ولم نكن ضمن المتأهلين الأربع، وكنا في لائحة الانتظار، ومع كارثة زلزال الحوز، تم تأجيل المهرجان، وبحلول نونبر، انسحبت فرقة من المتأهلين لمشكل تقني ممكن بينهم، ليتم الاتصال بنا، وشاركنا بالمهرجان ضمن المسابقة، مع أن الظرفية لم تكن على ما يرام، ومثلنا مدينة أكادير أحسن تمثيل، وتربعنا على عرش «الترومبلان» بالرتبة الأولى.
هي تجربة مميزة ورائعة، استفدنا منها كثيرا، و»الترومبلان» بوابة فتحت لنا آفاق كثيرة.
كيف ترى مجموعة “يوبانا” تأثير الجولات الموسيقية على التواصل مع جمهوركم وتوسيع قاعدة المعجبين؟
طبعا الجولات الفنية والسهرات تساهم بقدر كبير للتعريف بالمجموعات الغنائية، ولكن صراحة التكنولوجيا الحديثة مهدت الطريق كثيرا، ووسعت قاعدة المعجبين لمختلف الأجناس الموسيقية.
لكن هنا أود أن أشير بأننا شخصيا نحبذ تقديم إبداعاتنا الموسيقية على المنصات لأنها تعطينا شحنة إضافية، وتخلق تجاوب رائع بيننا ومختلف الجنسيات المتعطشة للموسيقى، إذ أن الفنان ليس هو من يتوارى خلف شاشات الحاسوب ومختلف برامج التوزيع والمكساج، بل مشاعر متبادلة بيننا والجماهير.
كيف تتفاعلون مع آراء الجمهور سواء كانت إيجابية أو نقدية؟ وكيف تؤثر هذه الآراء على أعمالكم المستقبلية؟
صراحة، معظم الآراء التي توصلنا بها لحدود الساعة، تثني على أعمال المجموعة وإبداعاتها، وهذا لا يعني أنه ليست هناك آراء نقدية، نتقبل كل الآراء، إذ أن الأذواق لا تناقش، وكما قلنا سابقا نحاول قدر المستطاع تقديم منتوج يرضي معظم الناس.
هل تفكرون في التعاون مع فنانين آخرين أو فرق موسيقية لتوسيع رؤيتكم الفنية؟
لحدود الآن، ليس هناك تعاون مبرمج مع فنان أو فرقة موسيقية، لكن سبق أن تعاونا مع الصديق الرابور سفيان سكيب، في أغنية «كانبا»، بعد نسخة الصولو التي يحتويها الألبوم، وأغنية أخرى لم تنل حقها بعد، رفقة الصديق جوهر العبار، أغنية أمازيغية «أيوي» تعالج معضلة الهجرة، هذا الفنان الرائع الذي نتمنى أن يعود بقوة لمجال الموسيقى.
ما هي أعمالكم القادمة أو الخطط التي تريدون مشاركة جمهوركم بها؟
على العموم، نعمل على ألبومين، الأول بعنوان «أشق سبيلي» والذي سبق أن نشرنا منه مقطوعة «بوهالا»، وأغنية أخرى ستنشر قريبا، بالتعاون مع فريق مهرجان البولفار واستوديو هبة، والآخر «Hommage Isemgan»، مع أنه بعيد قليلا، إلا أننا بصدد الاشتغال عليه.
كلمة حرة..
«يوبانا» ماضية في شق طريقها بخطوات ثابتة، وبكل طاقاتها، كما نحييكم على مسيرتكم الإعلامية التي تحاولون عبرها تشجيع الشباب الأمازيغي المبدع عبر مختلف التلاوين الأدبية والفنية، لتقريب إبداعاته إلى عموم الجمهور الأمازيغي المغربي الإفريقي خاصة والعالمي عامة.
حاوره: خيرالدين الجامعي