أمازيغيات “الأمازيغية قضية كل المغاربة”

عبد الله بوشطارت

هذا شعار، أضحى يُؤطر النقاش العام حول الامازيغية بالمغرب، انطلق من الفوق وأخذته الأحزاب بكل أطيافها وإيديولوجياتها اليمينية واليسارية والدينية والإدارية. شعار تم ترسيخه عن طريق الدعاية الرسمية والأوراق والخطابات الحزبية، بل هنالك من يريد إظهار اجتهاده أمام الجميع في استيعاب النظرية المخزنية الجديدة تجاه الامازيغية وسارع إلى تأسيس جمعيات تحمل أسماء، هكذا. نتسائل لماذا هذا الشعار في هذه المرحلة بالذات؟

إن المتتبع لمسار تعامل المخزن مع الامازيغية والتيارات الحزبية بالمغرب، سيلاحظ أنه في السابق كانت محاصرة في النقاش السياسي والثقافي بمجموعة من المواقف المسبقة والشعارات التي تم غرسها وتثبيتها في عقول الناس والشباب والمثقفين. مثلا، الجيل الأول من المناضلين الامازيغيين عانى كثيرا من مرارة شعار “دعاة الظهير البربري” ففي كل مرة يدافع فيها فاعل أو مثقف أو شاعر عن الامازيغية، إلا ويجد نفسه وسط اتهامات سريعة وجارحة، يريد أصحابها من خلالها تلجيم الأفواه ووقف النقاش حول الامازيغية، لأنها حسب عزمهم تهدد الوحدة بين العرب والامازيغ وبالتالي العودة إلى قراءة اللطيف داخل المساجد.

وقد اجتهد المناضلون والجامعيون والمثقفون الامازيغ من أجل تصحيح العديد من الأساطير التاريخية التي جعلت من الامازيغ في وطنهم “مجرمون ومهددون للوحدة الوطنية” وقد ضحوا بحياتهم وحريتهم، ولا بد من التذكير- في كل مرة وحين- بالمؤرخ والمفكر المرحوم صدقي علي ازايكو الذي قضى سنة كاملة في السجن بسبب مقالة علمية في التاريخ ف بداية الثمانينيات من القرن الماضي. انظروا كيف كان زعزعة الأساطير مزعج وصعب للغاية”.. كما احتاجت الحركة الامازيغية في البداية إلى وقت طويل حتى برهنت بشكل علمي وموضوعي أن “الظهير البربري” مجرد أكذوبة وأسطورة….

وبعد ذلك، جاءت مواقف واتهامات تضع كل أمازيغي مناضل في قفص الاتهام، كالتخابر مع دول أجنبية والإستقواء بها، وتنفيذ مخططات استخباراتية ثم العنصرية،،،، لكن مع تنامي النهضة الامازيغية والوعي الجماهيري وخاصة لذى المثقفون والطلبة والشباب، وبروز دينامية مجتمعية غير مسبوقة تنادي بالامازيغية واحترامها، بدأت التيارات المعتنقة للاديولوجيات العروبية والاسلاموية، تُغير في التكتيك والمناورة ولم تعد تلك الاتهامات تجدي نفعا. التغيير مس فقط طبيعة الموقف من أجل التَّموقع في الصراع مع الحركة الامازيغية التي هي بالضرورة حركة – سيرورة تصحيحية، وليس تغيير الموقف بشكل بنيوي لإنصاف الامازيغية أو رد الاعتبار لها. 

وحين اقتنع الامازيغ بأن النضال الثقافي أصبح غير كافي لتحقيق كل مطالبهم، وبادروا إلى وضع أسس بديلة لتنظيم سياسي بروح أمازيغي. حينها، سارعت بل وقفزت الأطراف الأخرى إلى الأمام وأخذت شعار “الامازيغية لكل المغاربة” كشعار لقطع الطريق على عدد كبير من الشباب أبناء الهوامش الذين لا يجدون خصوصيات حضارتهم وهويتهم ولغة أجدادهم في التنظيمات والأحزاب السياسية القائمة، التي تغيب الشخصية الثقافية للمغرب وعمقه الحضاري في مشاريعها السياسية.

لذلك، وإلى الآن، وبعد تجريب كل الحكومات وخططها فيما يخص الامازيغية، يتبين أن شعار “الامازيغية قضية جميع المغاربة” هو شعار موجه فقط للاستهلاك الإعلامي والمزايدات السياسوية على الحركة الأمازيغية وعلى كوادرها ومثقفيها. وفي المقابل تم تجريم العمل السياسي -التنظيمي الامازيغي والتنصيص على منعه في الوثيقة الدستورية بخبث كبير.

فكل الملفات الامازيغية المفتوحة تعاني من خلل بنيوي ناتج عن غياب الإرادة السياسية والنية الصادقة في إخراج لغة وثقافة تتصارع من أجل البقاء، في التعليم والإعلام والقضاء والاقتصاد والتنمية ,,,,وغيرها. ولم تعد الامازيغية حية في الحياة اليومية حتى في قلاعها بالبوادي والجبال بسبب طغيان التعريب وكثافته في المدرسة ووسائل الاعلام السمعي البصري. ولا نستغرب كيف تأسف رئيس الحكومة وزعيم حزب اسلاموي؛ على عدم تأسيس أكاديمية تعتني بحماية اللغة العربية …عجبًا عجبًا.

شاهد أيضاً

الجزائر والصحراء المغربية

خصصت مجموعة “لوماتان” أشغال الدورة السابعة لـ “منتدى المغرب اليوم”، التي نظمتها يوم الخامس من …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *