4663 فعل عنف مورس على النساء والفتيات خلال فترة الحجر الصحي

سجلت فدرالية رابطة حقوق النساء ما مجموعه 4663 فعل عنف مورس على النساء والفتيات بمختلف أنواعه وتجلياته خلال فترة الحجر الصحي، حيث شكل العنف النفسي أعلى نسبة ب 47,9% يليه العنف الاقتصادي بنسبة 26,9% أما المرتبة الثالثة فيحتلها العنف الجسدي بنسبة 15,2% حيث تم تسجيل 709 فعل عنف جسدي منها حالة قتل لسيدة وحالة محاولة قتل لسيدة أخرى. في حين بلغت نسبة العنف الجنسي 5,1%، حيث سجلت منصة الاستماع العديد من حالات العنف الزوجي التي صرحت به النساء.

واعتبرت فدرالية رابطة حقوق النساء  أن العنف القائم على النوع الإجتماعي الممارس ضد النساء والفتيات، يمس بكرامتهن وتمييز ضدهن وهو ناتج عن مختلف أشكال اللامساواة القائمة أصلا، وهو أحد أكثر انتهاكات حقوق الإنسان انتشارا واستمرارا في عالمنا اليوم. ولكن لا يزال معظمه غير مبلغ عنه بسبب انعدام العقاب والصمت والإحساس بالفضيحة ووصمة العار المحيطة به وبالضحايا والناجيات منه.

وأضافت الفيدرالية في تصريحها، بمناسبة الحملة الاممية لمناهضة العنف ضد النساء، أن احصائيات للمندوبية السامية للتخطيط (دجنبر 2019)، تفيد أن ظاهرة العنف ضد النساء لازالت مستشرية داخل المجتمع حيث بلغت نسبة انتشاره 57% من مجموع الساكنة النسوية.

مشيرة إلى أن “العنف المنزلي الذي يضم العنف الزوجي والعنف العائلي بلغت نسبة انتشاره 52%. وأن “معدل انتشار العنف في الفضاء الزوجي بلغ 46 ٪ من بين النساء، المتراوحة أعمارهن ما بين 15 و74 سنة، ضحايا العنف المرتكب من طرف الزوج أو الزوج السابق أو الخطيب أو الشريك الحميم.”

واردفت “في سياق الأزمة الصحية وما يعيشه العالم جراء جائحة كوفيد 19 والتي تعد أثارها من العوامل المساهمة في تفاقم مآسي ومعاناة النساء مع العنف بشتى أشكاله وتجلياته، فان فدرالية رابطة حقوق النساء كانت واعية مند إعلان الطوارئ الصحية بهذا المشكل، وجندت كل طاقاتها من أجل دعم النساء والفتيات ومؤازرة الضحايا والناجيات من العنف وكذا رصد وتتبع كل الإجراءات والتدابير التي اتخذت في هذا المجال”.

وأشارت إلى أنه “في إطار التصدي لهذه الظاهرة يتم تنظيم الحملة العالمية “16 يوما من النشاط لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات” منذ سنة 2008، بدعوة من الأمين العام للأمم المتحدة، وهي الحملة التي تنطلق في 25 نونبر من كل سنة بمناسبة اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد النساء، وتمتد إلى غاية 10 دجنبر من كل سنة، الذي يتزامن مع اليوم العالمي لحقوق الإنسان. ويتم خلال هذه المدة تنظيم أنشطة لرفع الوعي بأهمية القضية والوصول إلى أكبر عدد من الجمهور، من أجل إعطاء دفعة جديدة لجهود التعبئة والتوعية والتحسيس.

ويتزامن تنظيم حملة 16 يوما العالمية من النشاط لمناهضة العنف ضد النساء والفتيات هذه السنة مع ما يعرفه العالم من جائحة فيروس كوفيد 19، حيث تخلف هذه الأزمة الصحية والحجر الصحي الذي يرافقها، آثارا وخيمة على النساء فيما يتعلق بتمتعهن بحقوقهن الاقتصادية والاجتماعية وفي تفاقم العنف الممارس ضدهن أكثر من أي وقت مضى.

وفيما يلي حصيلة تتصريح الفيدرالية:

أولا. حصيلة مركزة وقراءة في إحصائيات الفيدرالية حول العنف ضد النساء خلال حالة الطوارئ والحجر الصحي:

استقبلت منصات الاستماع والتوجيه القانوني والنفسي التي وضعتها فدرالية رابطة حقوق النساء وشبكة مراكز الرابطة انجاد ضد عنف النوع منذ 16 مارس2020 رهن اشارة النساء والفتيات 1774 اتصالا هاتفيا للتصريح بالعنف من 1038 امرأة عبر مختلف التراب الوطني، و قد لاحظت فدرالية رابطة حقوق النساء عند تحليلها لهاته المعطيات أن العنف المبني على النوع قد ارتفع خلال فترة الحجر الصحي والطوارئ الصحية بنسبة زيادة بلغت 31,6% بالمقارنة مع نفس الفترة من سنة 2019.على الرغم من ان ظروف الحجر والطوارئ الصحية لم تتح لكل النساء والفتيات ضحايا العنف امكانية التبليغ والتصريح بالعنف.

كما سجلت المنصة 17 حالة عنف تدخل في خانة العنف الالكتروني رغم أن هذا العدد لا يعكس الواقع وذلك راجع لعدم قدرة النساء على التصريح بهذا النوع من العنف واكتفائهن بتغيير أرقام الهواتف أوالحسابات على مواقع التواصل الإجتماعي.

ويتبين كذلك من الأرقام المرصودة أن العنف الزوجي سجل أعلى النسب خلال فترة الحجر والطوارئ الصحية حيث بلغ 81,8% بما فيه عنف الخطيب والطليق كاستمرار للعنف الزوجي رغم أن العلاقة منتهية.

ودعما للنساء الضحايا والناجيات من العنف ومساهمة منها في التكفل بهن قدمت الفدرالية عبر شبكة الرابطة إنجاد ضد عنف النوع خلال ذات الفترة ما مجموعه 4360 خدمة توزعت بين الاستماع وتقديم الاستشارة القانونية والدعم النفسي والتوجيه للنساء، بالإضافة إلى كتابة الشكايات وتتبع الملفات. كما تم إحصاء ما يقرب من 554 تدخل للتنسيق مع مختلف الفاعلين المؤسستين (خلايا التكفل بالنساء ضحايا العنف جهويا ومحليا، النيابة العامة، وزارة التضامن، التعاون الوطني، مندوبيات الصحة…) من أجل تمكين النساء من بعض خدمات التكفل ولاسيما الإيواء وتسهيل وتسريع المساطر لهن.

ويستنتج من تحليل هذه المعطيات على كون العنف ضد النساء عرف ارتفاعا مستمرا خلال أزمة كوفيد 19، كما أن تجلياته وآثاره على الصحة النفسية والجسدية للضحايا وكذا أبعاده الاجتماعية صعبة جد ومكلفة، مما يستدعي مزيد من تعزيز الجهود والآليات الاستعجالية والملائمة للتخفيف من حدة العنف ضد النساء وحمايتهن خلال هذه الظروف العصيبة.

ثانيا. رصد لأهم الملاحظات والإشكالات خلال فترة الحجر الصحي وحالة الطوارئ الصحية:

بالنظر إلى مختلف المجهودات والمبادرات الإيجابية، سواء التي تم اتخاذها من قبلنا كجمعيات نسائية وشبكات ومراكز لتوفير خدمات الإسماع عن بعد ومرافقة النساء وتوجيههن قانونيا ودعمهن نفسيا والتضامن معهن ماديا ومعنويا، أو الإجراءات الهامة التي قامت بها بعض القطاعات والمؤسسات العمومية المختصة في المجال، وبالرغم من الآثار المهمة لهذه المجهودات والآليات في التخفيف من تداعيات العنف ضد النساء في هذه الظروف الصعبة، فإن فدرالية رابطة حقوق النساء تؤكد على ضرورة تعزيزها وضمان نجاعتها أمام استمرار وظهور إشكاليات ميدانية يرتبط جزء منها بثغرات في القانون وآليات التكفل او بطريقة تطبيقه وتأويل مضامينه، وأخرى مرتبطة بوضع الحجر الصحي والطوارئ الصحية تدرجها كما يلي :

  • على مستوى التبليغ والولوج إلى المعلومات للنساء الضحايا أوالمهددات بالعنف:

يعتبر ضعف التبليغ عن العنف الممارس ضد النساء من بين الإشكالات في مجال مناهضة العنف التي ترصدها الفدرالية باستمرار، الشيء الذي وقفت عليه الأرقام الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط سنة 2019 حيث تبين وحتى في الظروف العادية من خلال البحث الذي اجرته المندوبية أنه “على إثر أشد حدث عنف جسدي أو جنسي تعرضت له المرأة خلال 12 شهرا الماضية، قامت 10,5٪ من ضحايا العنف (ما يقرب من 18 ٪ للعنف الجسدي وأقل من 3 ٪ للعنف الجنسي) بتقديم شكاية إلى الشرطة أو إلى سلطات مختصة أخرى مقابل 3٪ سنة 2009. ولا تتجاوز هذه النسبة 8 ٪ في حالة العنف الزوجي مقابل 11٪ في حالة العنف غير الزوجي.

وقد أعزت المندوبية السامية للتخطيط ذلك لعدة عوامل حيث “يعتبر حل النزاع عن طريق التسوية والتدخل الأسري والخوف من الإنتقام من طرف الجاني وكذا مشاعر الخجل أو الحرج، خاصة في حالات العنف الجنسي، من بين الأسباب الرئيسية التي تمنع الضحايا من تقديم شكاية إلى الجهات المختصة “.

فإذا كان التبليغ عن العنف يصعب على النساء في الأوضاع العادية فما بالك خلال الأزمات كما وقع في فترة الحجر الصحي والطوارئ الصحية المرتبطة بجائحة كورونا، حيت سجلت فدرالية رابطة حقوق النساء عدة صعوبات وإشكالات واجهت النساء ضحايا العنف والناجيات منه ولعل من أبرزها:

ضعف الولوج الى المعلومة المتعلقة بوسائل التواصل والتبليغ عن العنف بسبب عدم تعميمها مبكرا وعدم تداولها

في وسائل الإعلام السمعية البصرية، وبسبب انتشار الأمية (الأبجدية والرقمية) والفقر في أوساط النساء خصوصا في المجالات القروية والهامشية…

قلة التوفر على الإمكانيات وعلى الوسائل اللوجستيكية للتبليغ (البريد الإلكتروني، الأنترنيت، الهاتف الذكي)؛

تعثر التواصل في بعض الحالات عبر البوابات الإلكترونية وخطوط الهواتف الرسمية الموضوعة رهن إشارة النساء خاصة عندما يتعلق الأمر بهواتف ثابتة وفي أوقات المداومة؛

عدم تحديد أية أماكن آمنة ومتاحة في الأحياء للتبليغ عن العنف كالصيدليات والبقالة و…؛

صعوبة التنقل بين المدن وداخلها يطرح إشكال إلتحاق النساء ضحايا العنف بعائلاتهم، ورفض السلطات تسليم الإذن بالتنقل لهن رغم أن الإجراءات القانونية سارية المفعول أو مطالبتهن في بعض الأحيان بإحضار إذن الزوج للتنقل في خرق سافر للقانون والحقوق الإنسانية للنساء؛

التخوف من نقل الوباء وعدم وجود بروتوكول صحي يقي ويحمي النساء ضحايا العنف الراغبات في التبليغ عنه؛

التأخر في البث في الشكايات وفي تصريحات الضحايا بعد التبليغ؛

  • على مستوى الإيواء وتفعيل الحماية القانونية والتنسيق بين مكونات التكفل بضحايا العنف والناجيات منه:

اختلاف وتفاوت في التعاطي الحازم لمعالجة قضايا العنف ضد النساء والتكفل بهن من منطقة لأخرى وبين المؤسسات وداخل نفس المؤسسة، نتيجة بعض العقليات السائدة وضعف التكوين وغياب مقاربة النوع والحقوق الإنسانية للنساء؛

اختلاف في طريقة تنزيل بعض القرارات وإخضاعها للتأويل “الفردي” و”المزاجي” الذي لا يراعي مقاربة النوع الإجتماعي والمساواة بين الجنسين وحظر التمييز، من صور ذلك أن مدونة الأسرة ومند 2004 ألغت فكرة القوامة ورئاسة الزوج للأسرة، وجعلتها تحت الرعاية المشتركة للزوجين، لكن خلال فترة الحجر والطوارئ الصحية صدرت بعض القرارات التي أعادت إحياء مفهوم رئاسة الزوج للأسرة، بشكل يضرب عمق مبدأ المساواة بين الجنسين كمبدأ دستوري، سواء فيما يتعلق بالحصول على سندات التنقل أو الاستفادة من الدعم، وهو ما شكل عنفا قانونيا؛

التأخر أو عدم إتخاذ الإجراءات والتدابير الكفيلة لحماية النساء ضحايا العنف ضمانا لسلامتهن الجسدية والنفسية؛ من ضمنها البحث رغم ظروف الحجر في إمكانية إبعاد المعتدين خصوصا في الحالات الخطيرة وغياب خلايا التكفل بالنساء والأطفال ضحايا العنف في بعض مناطق المغرب، خاصة في المجال القروي

مما يطرح إشكالية عدم تبني البعد الترابي والمجالي فيما يتعلق بقضايا مناهضة العنف المبني على النوع الإجتماعي؛

على مستوى وحدات التكفل بالنساء والأطفال ضحايا العنف بالمؤسسات الاستشفائية التابعة لوزارة الصحية وضعف تفعيل دفتر التحملات الخاص بالوزارة عموما، مع ملاحظة تدني شروط الاستقبال والإستماع الملائمة للحاجيات الخاصة للنساء الضحايا وناجيات من العنف وحالات لانعدام الخدمات الطبية لهذه الفئة من النساء في عدة مناطق، خاصة بالمناطق الهامشية والقروية؛

ضعف شديد في توفر خدمات الإيواء مع فوارق جهوية وترابية كبيرة طرحت عدة مشاكل مرتبطة بتنقل الضحايا للمراكز المتوفرة خلال فترة الحجر والطوارئ الصحية؛ مما أرغم بعض الحالات من النساء على البقاء تحت رحمة المعنفين؛

تم فتح أبواب عدد من الفضاءات رغم عدم إتمام التجهيزات الضرورية وافتقادها للموارد البشرية المؤهلة والمتخصصة، كما تواجه هذه الفضاءات مشكلة ضمان ميزانية قارة وكافية لتسييرها وتزويدها بالموارد البشرية المؤهلة، بالإضافة الى تحديد طريقة تدبيرها.

على مستوى العمل القضائي في سياق الأزمة الصحية: 

أدى قرار تعليق العمل بالمحاكم بتاريخ 16/03/2020، باستثناء قضايا المعتقلين وقضايا الأحداث والتحقيق، والقضاء الاستعجالي، فضلا عن قرار ضبط عملية ولوج المرتفقين للمحاكم إلا عند الضرورة القصوى، دون تحديد مفهومها، إلى تأزيم وضعية العديد من النساء اللواتي وجدن أنفسهن عاجزات عن الوصول الى العدالة قصد الحصول على حقوقهن وحقوق أبنائهن المتعلقة بالنفقة والسكن والنسب والحضانة، والتماس إجراء الصلح في النزاعات العائلية، بما فيها قضايا الطلاق والتطليق، كما أن توقف البت في القضايا الإجتماعية ونزاعات الشغل أثرت سلبا على وضعية العديد من الفئات الهشة خاصة النساء والفتيات العاملات اللواتي تعرضن للطرد التعسفي؛

ضعف التحسيس بخدمات التقاضي عن بعد، وصعوبة الولوج إليها خاصة بالنسبة للنساء في وضعية صعبة اللواتي لا يتوفرن على هواتف ذكية، أو لا يتوفرن على رصيد للمكالمات أو للانترنيت، أو يتواجدن في مناطق لا توجد فيها تغطية كافية لشبكة الأنترنيت والاتصال، فضلا عن استحضار عائق الأمية، واغفال هذه الخدمة لحق الناطقين باللغة الأمازيغية في التماس العدالة باللغة التي يفهمونها، وفي هذا السياق تثمن الفدرالية مبادرة فريدة قامت بها بعض الخلايا المحلية للتكفل بالنساء ضحايا العنف بنشر وصلات اشهارية سمعية بصرية باللغة الأمازيغية للتعريف بخدماتها خلال فترة الطوارئ، كنموذج للمحكمة الابتدائية بتركيست؛

وجود عدة صعوبات واجهت النساء في الإستفادة من خدمات صندوق التكافل العائلي بسبب توقف العمل بالمحاكم، وعدم توفير إمكانية لمعالجة هذه الملفات عن بعد، وغياب التواصل والتحسيس باستمرار هذه الخدمة رغم الحجر الصحي؛

وجود عدة عراقيل واجهت المتقاضين عموما والفئات الهشة وعلى رأسها النساء في الإستفادة من المساعدة القضائية نظرا لتوقف غالبية مكاتب المساعدة القضائية في المحاكم عن العمل، وعن عقد الإجتماعات الدورية المقررة، وضعف التحسيس بإمكانية معالجة هذه الملفات عن بعد، وصعوبة حصول النساء على الوثائق المؤيدة لطلبات الاستفادة من الصندوق بسبب القيود المفروضة على التنقل خلال حالة الطوارئ الصحية، وهو ما ساهم في ضعف حصول النساء الناجيات من العنف أساسا من حقهن في المساعدة القانونية والقضائية والإنتصاف تبعا لذلك لجبر الضرر اللاحق بهن.

  • على مستوى ثغرات القانون 103 -13 بشأن العنف ضد المرأة وتعثر تطبيق بعض مقتضياته الإيجابية:

شكل القانون 103.13 بشأن العنف ضد المرأة إطارا مفاهيميا جديدا للعنف ضد النساء، وجاء بمقتضيات زجرية جديدة جاهزة للتفعيل الفوري وجرم أفعالا جديدة كبعض أشكال التحرش الجنسي، السب والقذف والمساس بالحق في الصورة وفي الحياة الخاصة للأشخاص والتشهير….. وحدد أحكاما مسطرية جديدة تراعي خصوصية جرائم العنف ضد النساء، كما خصص آليات للتكفل بالنساء ضحايا العنف…

وفي إطار استمرار المرافعة يعد التقرير الحالي مناسبة للتذكير بالجوانب الإيجابية للقانون103.13 بشأن العنف ضد المرأة ولإعادة طرح أهم الإشكالات والثغرات المرتبطة به، علما أن دخوله حيز التنفيذ قد تجاوز السنتين، وأن فترة الحجر والطوارئ الصحية قد شكلت تمرينا حقيقيا لمدى نجاعته وتفعيله، وفي هذا الإطار نجدد الإشارة الى مواقف الفدرالية ومؤاخذاتها الأساسية عليه وتحديدا كون القانون 103.13:

لم يستوعب كل المقومات المعيارية الشاملة المرتبطة بالوقاية والحماية والعقاب وجبر أضرار المعنفات والناجيات ولا يوفر الضمانات والإمكانات المادية والبنيات لإيوائهن وإعادة إدماجهن، وليس مبنيا على مقاربة النوع الاجتماعي ومقاربة الحقوق الإنسانية للنساء؛

لم يعرف العنف ضد النساء باعتباره انتهاكا لحقوقهن الإنسانية وتمييزا ضدهن ومساسا بكرامتهن وربط قيام العنف بضرورة ترتيبه ضررا جسديا، أو نفسيا، أو جنسيا، أو اقتصاديا للمرأة، والحال أنه ينبغي اعتباره (أي العنف) في حد ذاته مجرما دون ربطه بأية نتيجة للضرر؛

التدابير الحمائية الواردة في قانون 103.13 بشأن العنف ضد المرأة ورغم أهميتها وملحاحيتها التي تأكدت أثناء فترة الحجر الصحي ما تزال غير مفعلة على أرض الواقع، وتحتاج إلى جهد إضافي للتحسيس والتعريف بها، كما أنها تطرح عدة أسئلة أمام الجهات المعنية بها، ومن بينها مثلا تدبير منع الإتصال بالضحية، كما أن هذه الأوامر الحصرية لا يمكن إصدارها إلا في إطار المتابعات الجنائية، أو بعد إدانة الجاني. بالإضافة إلى ذلك، يمكن رفع هذه الأوامر في حالة تصالح الزوجين، وهذا من شأنه أن يضاعف من الضغط على النساء لكي تتنازل عن مثل هذه الإجراءات؛

قيد سلطة النيابة العامة في المتابعة في بعض جرائم العنف ضد النساء بضرورة تقديم الضحايا والناجيات

من العنف لشكايات، ولا يوفر المساعدة القانونية والقضائية بقوة القانون للنساء ضحايا العنف والتي ازدادت أهميتها مع جائحة كورونا وتفاقم ظروف الهشاشة الاقتصادية والاجتماعية في صفوف النساء؛

سكت القانون على مسؤولية الدولية في ضمان الرعاية الواجبة للنساء ضحايا العنف والناجيات منه، ولا يحدد بشكل واضح دور الحكومة في منح الدعم والخدمات لفائدة ضحايا العنف الزوجي، لاسيما توفير ملجأ والعلاج الطبي، والدعم النفسي….

    ثالثا: التوصيات 

استنادا لما يتم رصده ميدانيا، ولتراكمات دراسية وترافعية، وتفاديا لتفاقم أكبر وأخطر للعنف ضد النساء في الأحوال العادية وعلى الخصوص في زمن الأزمات مثل الأزمة الصحية الحالية، فان فدرالية رابطة حقوق النساء تؤكد على محورية مطلب قانون إطار/ شامل للقضاء على العنف ضد النساء على اعتباره الألية الأكثر نجاعة فيما يخص حماية النساء من العنف والتمييز. وفي أفق تحقق هذا المطلب الإستراتيجي والأساسي في مجال القضاء على العنف ضد النساء، تجدد الفدرالية دعواتها إلى القطاعات المختصة حكوميا ومؤسساتيا لتحمل مسؤولياتها في مجال الحماية والرعاية الواجبة واستخلاص الدروس من الجائحة، وتحقيق المطالب والتوصيات التالية المنبثقة عن اشتغال ميداني شاق ومنهك لمراكز الإستماع والجمعيات النسائية:

ودعت إلى ضرورة وضع مقاربة جديدة وآليات أنسب وأسهل لتمكين النساء من التبليغ عن العنف بما فيها أرقام مجانية ومن خلال فضاءات وأماكن آمنة ومتاحة في الأحياء خلال الأزمات؛  ووضع تدابير خاصة لتسهيل وتسريع حصول النساء ضحايا العنف أو المهددات به وأفراد من أسرهن على رخص التنقل في الطوارئ الصحية من مدينة إلى أخرى، ضمانا لسلامتهن وحماية لهن وللأطفال من العنف؛

ودعت الى العمل على وضع بروتوكول خاص بالنساء ضحايا العنف للوقاية وضمان سلامتهن عند التنقل والإيواء قصد الحد من انتشار فيروس كوفيد 19 مع توفير وسائل التعقيم والنظافة بمراكز إستقبالهن وإيوائهن خلال الطوارئ الصحية؛

وإعتماد استعجالية البت والحزم في التعاطي مع القضايا والدعاوي العمومية المرتبطة بالعنف الذي يطال النساء باعتبار الأثار الوخيمة للعنف على الضحايا والأطفال وكافة المجتمع؛

ومعالجة العنف الزوجي بشكل جريء باعتبار أن ظروف الحجر والطوارئ الصحية كشفت بشكل جلي حجمه وحدته وخطورته مع إعطاء التعريفات القانونية والإجراءات الخاصة بذلك؛

استثمار الإشكالات البارزة خلال فترة الحجر والطوارئ الصحية في مجال العنف ضد النساء في تجويد التشريعات وملاءمة السياسات والاستراتيجيات والآليات في مجال القضاء على العنف ضد النساء؛

ضرورة عقد اجتماعات طارئة ودورية للجان المحلية واللجان الجهوية الخاصة بالتكفل بالنساء ضحايا العنف قصد إعداد خطط عمل طارئة لتدبير مرحلة ما بعد رفع حالة الطوارئ الصحية، بشكل يسمح بتقييم الحصيلة والمنجزات، ورصد الإكراهات والمعيقات، واقتراح الحلول المناسبة لها بشكل تشاركي وفي حدود صلاحيات وإمكانيات كل قطاع، مع التأكيد على ضرورة إشراك جمعيات المجتمع المدني والجمعيات النسائية المشتغلة في المجال لضمان مسار تكفل ناجح وناجع بالنساء ضحايا العنف؛

دعوة السلطات المختصة إلى الإهتمام بالتواصل وإبلاغ المتقاضيات والمتقاضيين بلغة يفهمونها وبشكل مبسط يكفل الحق في الولوج الى القضاء خاصة بالنسبة للفئات الهشة والنساء والفتيات خلال فترة الطوارئ الصحية ما تستدعيه من إجراءات قد تحد من ولوج المتقاضيات والمتقاضين لمرفق العدالة؛

دعوة رئاسة النيابة العامة إلى تفعيل دور مكاتب المساعدة القضائية بالمحاكم، من خلال الإسراع بوتيرة عقد اجتماعاتها للبث في الطلبات العالقة والجديدة، وتفعيل منح المساعدة المؤقتة في انتظار اجراء الأبحاث الإدارية اللازمة، حتى تتمكن الفئات الهشة من ممارسة حقها في اللجوء إلى العدالة، رغم الصعوبات التي تواجهها في الحصول على الوثائق اللازمة؛

توفير أوسع وسريع لخدمات الإيواء المؤسساتي والمتخصص في مجال إيواء النساء والفتيات ضحايا العنف والناجيات منه مع تسهيل تنقلهن في ظروف الحجر والطوارئ الصحية إلى هذه المراكز، وتكثيف شروط الوقاية والسلامة الصحية في ظل انتشار الوباء؛

اعتماد المقاربة الحقوقية ومقاربة النوع في التعاطي مع قضايا التمييز والعنف المبني على النوع واعتباره انتهاكا للحقوق الإنسانية للنساء وذلك في إطار الوفاء بالتزامات المغرب الدولية في مجال إقرار الحقوق الانسانية للنساء مع التأكيد على التزام الدولة بتفعيل مبدأ ” العناية الواجبة” من أجل محاربة العنف ضد النساء، والقطع مع ازدواجية المرجعية والخطاب في المجال؛

بلورة استراتيجية وطنية مندمجة ومتعددة الأبعاد لمناهضة العنف القائم على النوع الإجتماعي وفق رؤية تسعى إلى بناء مجتمع آمن وخال من العنف يضمن الحماية للنساء ويوفر لهن الخدمات الأساسية بجودة عالية. مع ضرورة إشراك المجتمع المدني في بلورة وتنزيل وتتبع الإستراتيجية الوطنية لمحاربة العنف؛

ضرورة إدماج محاربة العنف القائم على النوع الإجتماعي ضمن البرامج والمخططات التنموية للجماعات الترابية (الجهات والجماعات المحلية)، مع إحداث بنية الاستقبال وتوجيه ومواكبة النساء ضحايا العنف بالجماعات الترابية وتفعيل دورها في بناء سلسلة خدمات منسقة ومتاحة في كل المجال الترابي بالتعاون مع كل الفاعلين المحليين (الشباك الوحيد المتعدد الخدمات والتخصصات)؛

إعتماد إطار ماكرواقتصادي مساعد يعطي الأولوية للمجهودات الحكومية في المجال الإجتماعي، خاصة في مجال تمويل الاستراتيجية الوطنية لمحاربة العنف ضد النساء، ويساهم في تقليص مظاهر الهشاشة والفقر والأمية؛ ويوفر الإمكانيات المادية والبشرية لحماية مختلف الشرائح والفئات النسائية من العنف وتلبية الحاجيات الخاصة للنساء القرويات والأمازيغيات مع تقديم الخدمات الضرورية لهن؛

العمل على الرفع من الوعي المجتمعي بمخاطر وتداعيات العنف والتمييز اتجاه النساء وذلك عبر تعزيز دور الإعلام في مناهضة العنف والتمييز ضد النساء؛

التسريع بمواصلة ورش الإصلاحات التشريعية اللازمة لتكريس مبدأ المساواة بين الجنسين وحظر التمييز في كافة القوانين وعلى رأسها القانون الجنائي وقانون المسطرة الجنائية ومدونة الأسرة وقانون الحالة المدنية، وإقرار قانون شامل لمناهضة العنف ضد النساء يستجيب للمعايير الدولية ذات الصلة، وبالأخص دليل الأمم المتحدة حول التشريعات المتعلقة بالعنف ضد المرأة، لأن القانون 103-13 يظل قاصرا عن حماية النساء وهذا يتبين جليا من خلال خلاصات البحث الذي قامت به المندوبية السامية للتخطيط حيث أنه “من بين الأشخاص على علم بهذا القانون، 45 % من النساء و 31 % من الرجال يعتبرون أنه غير كاف لضمان حماية النساء من العنف” وهو ما يتطلب تجويده ليشمل مقومات ومعايير الوقاية والحماية وعدم الإفلات من العقاب وجبر الأضرار وإدماج الضحايا؛

التعريف أكثر بمقتضيات القوانين المرتبطة بمناهضة العنف ضد النساء ولاسيما القانون 103-13 الذي مازالت مقتضياته غير معروفة لدى المواطنين والمواطنات. حيث أظهرت النتائج الأولية للبحث الذي قامت به المندوبية السامية للتخطيط أنه “أكثر من نصف النساء والرجال ليسوا على علم بوجود القانون 13-103 المتعلق بالحماية من العنف ضد المرأة، حيث يؤكد أكثر من 58 % من النساء و57 % من الرجال جهلهم بوجود هذا القانون. وترتفع هذه النسب في الوسط القروي (70 % من النساء و69 % من الرجال) وبين النساء والرجال بدون مستوى تعليمي (71 % و74 % على التوالي). ولا يوجد أي فارق، من حيث المعرفة بهذا القانون، بين النساء اللواتي سبق لهن التعرض للعنف واللواتي لم يسبق لهن ذلك”.

تفعيل القانون 103-13 وتوفير الإمكانيات المادية والبشرية الرهينة بحسن تطبيقه (توفير مراكز الإيواء، مراكز علاج المعنفين والدعم النفسي للضحايا….)، والعمل على ضمان تفعيل مبدأ عدم الإفلات من العقاب؛ واعتماد تدابير إبعاد المعنفين عن الضحايا بشكل تلقائي من قبل النيابة العامة وإبقاء النساء وأطفالهن في بيت الزوجية والعمل على تطبيق كل تدابير الحماية التي جاء بها القانون 103-13؛

تعزيز التنسيق بين مكونات سلسلة التكفل بالنساء ضحايا العنف والخلايا المحلية والجهوية واللجان المكلفة بموجب القانون 103/13 بمناهضة العنف ضد المرأة ومع خلايا التكفل بضحايا العنف والناجيات منه التابعة للأمن الوطني والدرك الملكي والصحة ومراكز الاستقبال والإيواء، وإنشاء الشباك الوحيد المتعدد الخدمات والتخصصات لمتابعة القضايا المدنية والزجرية بما يضمن التنسيق وعدم الإفلات من العقاب ويوفر الحماية والدعم النفسي والمعالجة الطبية والإيواء والمساعدة الاجتماعية للنساء الضحايا والناجيات من عنف النوع؛

توسيع مهام خلايا التكفل بالنساء ضحايا العنف على مستوى النيابات العامة لتشمل خدمات الاستشارة والمساعدة القضائية التلقائية دون حاجة لطلبها من طرف المعنيات بالأمر…وخلق خلايا لليقظة على مستوى اللجن الجهوية لمناهضة العنف ضد النساء تضمن تعزيز التنسيق بين القطاعات المتخصصة ومع المراكز والجمعيات المتتبعة لوضعية العنف ضد النساء ووضع آليات خاصة لذلك خلال فترة الأزمات؛

الرفع من كفاءة العاملين والعاملات في حقل القضاء وفي المهن القانونية والعدالة الجنائية ونظام الصحة والضابطة القضائية لتلبية احتياجات النساء وضمان حقوقهن، وذلك عن طريق التكوين وغيره من برامج تقوية القدرات وتطويرها، مع توفير الموارد البشرية والتجهيزات اللازمة والبنيات اللائقة للممارسة العمل بنجاعة؛

العمل على إقامة نظام معلوماتي شامل عن النساء الضحايا، بالتعاون ما بين المندوبية السامية للتخطيط والمنظمات الوطنية ذات الصلة مع ضمان إتاحة المعلومات المتحصلة من جمع البيانات وتحليلها وتنوير الرأي العام بها وضمان العمل بها مع الحفاظ على سرية هوية النساء احتراما لحقوقهن وعدم إلحاق الضرر بهن؛

التسريع بحل معضلة مراكز الإيواء المتخصصة وذات طابع القرب، مع العمل على إحداث فضاءات متعددة الوظائف في مختلف الجهات والاقاليم والجماعات. واعتماد مقاربة للتكفل تستجيب للمعايير الحقوقية الدولية في مجال التكفل بضحايا العنف والناجيات منه؛

العمل على توفير وحدات التكفل بالنساء الضحايا العنف بالمؤسسات الاستشفائية وتعميم وجودها على مجموع التراب الوطني، خاصة بالمجال القروي والمدن الصغيرة؛

تفعيل دور مراكز العلاجات الأولية في مجال محاربة العنف ضد النساء وتوفير شروط استقبال واستماع وتوجيه ملائمة داخل هذه الوحدات ودعمها بالموارد المادية والبشرية الضرورية؛

ضمان وجود طبيب/ة متفرغ للإشراف على وحدة التكفل، بالإضافة الى طبيب/ة نفساني/ة مع العمل على تكوين وتحسيس الأطباء والعاملين\ات في مجال العنف ضد النساء والنوع الاجتماعي؛

العمل على ضمان مجانية شهادة الطب الشرعي والفحوصات والعلاجات الطبية بالنسبة للنساء ضحايا العنف والناجيات منه اللواتي يعانين من الفقر والهشاشة.

اقرأ أيضا

التجمع العالمي الأمازيغي يدين التصرف العدائي والاستفزازي للسلطات الجزائرية

عبر “التجمع العالمي الأمازيغي” عن استغرابه من تنظيم السلطات الجزائرية ما أسمته “يوم الريف”، واعتبر …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *