عبد العزيز التوزاني في حوار مع “العالم الأمازيغي”:
يجب تدريس الأمازيغية لكل المغاربة باعتبارها لغة رسمية في الدستور وليس كمادة للإستئناس
كيف مرت أجواء الدخول المدرسي عموما هذه السنة؟ وكيف هي وضعية اللغة الأمازيغية في المدرسة هذا الموسم؟
الدخول المدرسي ككل سنة يعيش اختناقا ومخاضا عسيرا خصوصا في بداية شهر شتنبر من كل سنة، لكن هذا المخاض سرعان ما يزول لتبدأ السنة الدراسية تجر وراءها تراكم الخيبات والحلول الترقيعية التي يؤجل إصلاحها كل عام، إن أغلب الآباء والأمهات ومعهم الوزارة الوصية على قطاع التعليم لا يهمهم سوى أن يروا التلاميذ داخل المدرسة وقد ضمنوا كرسي جلوسهم داخل الفصل، فلا أحد من هؤلاء يتحدث عن جودة التعليم وهذا أصل المشكل بالذات، فأغلب المدارس الآن تشهد اكتظاظا مهولا يفوق فيه عدد التلاميذ 46 تلميذا في القسم مما ينعكس سلبا على تجويد واكتساب التعلمات.
أما بالنسبة للغة الأمازيغية فهي تعيش وضعية هشة ومتردية داخل منظومة التربية والتكوين هناك ضبابية في الرؤية وتردد في القرارات وعشوائية في التسيير أفقدت هذا الورش بوصلته منذ ميلاده سنة 2003 لينحاز بعيدا عن مسار السكة التي رسمت له.
أكيد أن في كل دخول مدرسي كنا نرى ردود أفعال حول وضعية الأمازيغية في المدرسة، لكن هذه السنة هناك نوع من الجمود سواء على مستوى مدرسي اللغة الأمازيغية أو الجمعيات الأمازيغية، لماذا في رأيك؟ وهل يمكن تفسير هذا الهدوء بأن الأمازيغية في المدرسة بخير؟
اللغة الأمازيغية بحاجة إلى شرطين أساسيين آنذاك يمكن أن نقول عنها نسبيا بخير.
الشرط الأول يتمثل في التعميم، طبعا التعميم أفقيا وعموديا على كل ربوع الوطن وكل الأسلاك التعليمية، والشرط الثاني هو الإلزامية ومعناها التخلص الجذري مع الوضعية الراهنة التي توجد عليها الأمازيغية باعتبارها لغة استئناس ومادة مكملة فقط، بل وجب تدريسها وجوبا لكل المغاربة والتدريس بها باعتبارها لغة رسمية في الدستوروحق إنساني لكل المغاربة.
أما فيما يخص الجمعيات و مدرسي اللغة الأمازيغية وأنا منهم فيمكن القول بصراحة مرة (بضم الميم) أن العمل الجمعوي على المستوى الوطني منذ أزمة فيروس كرونا قد فقد فتيله لعدة اعتبارات ولكن هذا لم يكن عائقا أبدا من الترافع ومراسلات الجهات المختصة أتذكر أن آخر مراسلة وقعت عليها خمس جمعيات جهوية كانت في يوليوز 2020 وهي عبارة عن ملتمس لتحيين مجموعة من النقاط جاء بها المنهاج الجديد واستجابت الوزارة لهذا الطلب في نسخته المحينة يوليوز 2021، ونحن الآن على مشارف توديع هذه الخيبات التي تركتها كرونا نأمل ان تتهيكل من جديد التنسيقية الوطنية لأساتذة اللغة الامازيغية عبر كافة فروعها الجهوية والإقليمية وتسترجع الجمعيات الجهوية لمدرسي اللغة الأمازيغية وهجها وبريقها في المستقبل القريب باعتبارها الممثل الشرعي الوحيد المعانق لهموم المدرسين والمدافع المخلص على ملف تدريس اللغة الأمازيغية داخل المدرسة المغربية.
الوزير شكيب بن موسى قال مؤخرا بأن الوزارة تعتزم تكوين 400 أستاذ في اللغة الأمازيغية لتوظيفهم ابتداء من السنة المقبلة، ما رأيك في هذا العدد؟ وكيف يمكن تدبير خصاص هذه السنة؟
400 منصب للغة الأمازيغية هي تحصيل حاصل وليس بشيء جديد جاء به الوزير الحالي شكيب بن موسى لأن هذا الرقم وقعت عليه وزارة سعيد أمزازي بعد اجتماع مع اللجنة المكلفة بتنزيل القانون التنظيمي واللجنة الثنائية بين الوزارة والمعهد الملكي للثقافة الامازيغية، وفي نظري أكبر ورطة يقع فيها ورش تدريس اللغة الأمازيغية هو 400 منصب كل سنة لأن تقييدها بهذا الرقم الهزيل جدا لن يحقق تعميم اللغة الأمازيغية إلا بعد نصف قرن أو يزيد، وما يزكي هذا الطرح هو حجم الخصاص في أساتذة اللغة الأمازيغية والذي بلغ فقط في السلك الإبتدائي 17000 أستاذ متخصص.
فهل لدى الوزارة جرأة لتوظيف هذا العدد قبل متم 2030 ؟ الجواب طبعا هو لا. لأنها حددت سلفا توظيف 400 منصب حتى سنة 2030 في بلاغ حكومي رسمي، الشيء الذي سيبعد التعميم من دائرة الأجرأة والتنفيذ.
أما تدبير الخصاص في اللغة الأمازيغية فهو يحتاج إلى أسين:
الأول هو إرجاع التكاليف لكل الأساتذة الذين انتزع منهم التكليف بتدريس اللغة الأمازيغية سنة 2013 وكذا تكليف مزيد من الأساتذة الجدد الذين يبدون سنويا رغبتهم في تدريس اللغة الامازيغية ولا من مجيب.
والأساس الثاني هو الرفع من عدد المناصب المخصصة للغة الامازيغية في مباريات التوظيف.
الخصاص في اللغة الأمازيغية شمل حتى التفتيش أو المؤطرين التربويين، كيف تفسر هذا ؟
مادة اللغة الأمازيغية لا يوجد فيها خصاص في المؤطرين التربويين، لأنها لا تتوفر أصلا على أي مفتش خاص بالمادة حتى يكون هناك خصاص، هناك فقط تكليفات تمنح لبعض مؤطري اللغة العربية أو اللغة الفرنسية حتى وإن كانوا غير ملمين باللغة الأمازيغية وأغلب المديريات مثلا في جهة طنجة تطوان الحسيمة ونذكر على سبيل المثال لا الحصر (وزان – الفحص أنجرة – شفشاون…) لا يوجد بها حتى مفتش مكلف، مما يزيد من حدة المعاناة والعشوائية داخل المدارس، والحل بسيط طبعا سبق وأن طرحناه مرارا على الوزارة والمتمثل في إخراج مباراة خاصة بمفتشي اللغة الأمازيغية لكن الرد كان سريعا من الوزارة ويمكن وصفه بالإرتجالي عندما أفصحت عن إدراج وحدات خاصة لتدريس اللغة الامازيغية في مراكز التفتيش لسنة 2022/2023 وهذا سيعمق الأزمة طبعا لأن أساتذة اللغة الأمازيغية في حاجة إلى تكوينات وتأطيرات ودورات خصوصا عندما أثبتت لجن التتبع فشلها على جميع المستويات.
هل يمكن ان تقربنا من وضعية مدرسي الأمازيغية، وهل هناك مستجدات في هذا الموضوع؟
من بين مستجدات هذه السنة يمكن الحديث عن الكتاب المدرسي الخاص باللغة الأمازيغية فبعد أن طبعت العام الماضي 2021 نسخة تجريبية من كتاب المتعلم abrid n umurs و adlis inu n tmazivt للمستوى الأول، هذه السنة أكملت لجان التأليف جميع الإصدارات المتبقية من الثاني حتى المستوى السادس، لكن الغريب في الأمر أن هذه الكتب موجودة فقط في منشور الوزارة حول الإصدارات السنوية لكتبها، أما في الواقع فأغلب أساتذة اللغة الأمازيغية لا يتوصلون بالكتب او يتوصلون ببعضها بشكل عشوائي لا يراعي البنية المدرسية التي يشتغل عليها أستاذ اللغة الامازيغية.
ومن المستجدات أيضا عودة موضوع تدريس 30 ساعة وعدد كبير من المفتشين المكلفين بالأمازيغية يذهبون في هذا الطرح ويرغمون الأساتذة على التزام 30 أو 27 ساعة على الأقل خصوصا في جهة فاس مكناس و مديرية شفشاون جهة الشمال وفي الجنوب وغيرها من الجهات الاخرى التي تعيش نفس هذه التضييقات رغم أن المنهاج الجديد 2021 حسم في هذا الأمر عندما اعتمد المذكرات الوزارية الخاصة بتدريس اللغة الأمازيغية كمرجع له.
المستجدات لا تنتهي … لنبقى في المنهاج، لكن هذه المرة سنعرج قليلا عن السلك الإبتدائي وبالضبط إلى السلك الإعدادي فمنهاج اللغة الأمازيغية قيد الإنجاز وإدراج اللغة الأمازيغية ضمن هذا السلك سيكون ابتداءا من الموسم القادم 2023/2024 ولكن السؤال المطروح هو كيف؟
فالوزارة في مخططها العشري لم تتحدث عن مناصب جديدة للتوظيف والوزير الأسبق سعيد أمزازي صرح سلفا بأنهم سيعتمدون على أساتذة لهم تجربة كي يدرسوا في هذا السلك وهذا كلام خطير لأننا دائما ما ننادي بفتح مناصب خاصة بالسلك الإعدادي وأن لا نتغذى على حساب السلك الإبتدائي الذي يعرف أصلا خصاصا مهولا.
بصفتك رئيس الجمعية الجهوية لمدرسي اللغة الأمازيغية بالشمال ما هي في نظرك النقاط المطلبية العاجلة التي يجب على الوزارة تنفيذها؟
في الحقيقة لدينا ملف حقوقي كله مستعجل ولكن إن كان من الضروري أن أتسلسل فيه فإنني أرى أنه آن الأوان كي تعمل الوزارة على تنفيذ هذه النقاط الإستعجالية:
1/ إدراج اللغة الأمازيغية كتخصص في مباريات التفتيش الخاصة بسلك التعليم الإبتدائي.
2/ تدريس اللغة الأمازيغية لأبناء الجالية بالإعلان عن مباراة خاصة بأساتذة اللغة الأمازيغية .
3/ إدراج اللغة الامازيغية في التعليم الأولي.
4/ إصدار مذكرات وزارية خاصة بأساتذة التخصص تؤمن الزمن المدرسي وتقترح حلولا لجدول الزمن الخاص بأستاذ اللغة الأمازيغية.
5/ إخراج الترسانة الخاصة بتدريس اللغة الامازيغية في مدارس البعثات الأجنبية.
6/ إلحاق حاملي شواهد الماستر في التخصص بالتدريس في المراكز الجهوية التي تعرف خصاصا مهولا.
7/ إحداث وحدات وأقسام داخل الاكاديميات الجهوية خاصة بتتبع وتدريس اللغة الامازيغية.
ويبقى الملف الحقوقي طويلا لا يمكن سرده كاملا في هذا الحوار لكن أتمنى اني قد عرجت على أهم النقط المستعجلة فيه.
حاورته: رشيدة إمرزيك