
إن المشروع المجتمعي الحداثي الديموقراطي الذي نسعى جميعا لبنائه ، و تعمل الدولة على تنفيذه مستعملة خيرات البلاد و ثرواتها، هو مشروع يفترض أن يستفيد جميع أفراد المجتمع من ثماره فيحمي حقوقهم و يصون كرامتهم و يقدم لهم الخدمات الاجتماعية الأساسية من تعليم و صحة و غيرها و يضمن لهم القدرة على الولوج لهذه الخدمات و الاستفادة منها ، و من بين ” الولوجيات ” التي لا نستطيع صرف النظر عنها أو إنكار أهميتها نجد دعامة اللغة ، فكيف ذلك ؟

لقد تتبعنا و تتبع العالم كيف أن فرق الإغاثة و الفرق الطبية التي تجندت لإنقاذ المتضررين من الزلزال وجدت صعوبة كبيرة لأداء مهمتها على أكمل وجه بسبب عدم إتقانها للغة الأمازيغية و هو ما جعل التواصل مستحيلا و تقديم المساعدة متصفا بالصعوبة و جعل الحق في الصحة و الحق في الحياة في مهب الريح ، حيث أن الموارد البشرية ، من أطباء و ممرضين و صيادلة و أطر شبه طبية ، التي توجهت إلى الأقاليم المتضررة من زلزال الأطلس الكبير ، مشكورة على المجهودات التي بدلتها ، بقيت مكتوفة الأيدي بسبب عدم فهمها و لا إتقانها للغة الأمازيغية ، و بالتالي عدم القدرة على التشخيص و التوجيه و الإنصات و التفاعل لأن الجامعات و المعاهد و المراكز التي تختص في التكوين في المهن الطبية و التمريض و ما شابهها ، تكون ( التكوين) طلبتها في الجوانب المعرفية و التقنية دون أن تستحضر لغة و ثقافة المستفيدين ، الشيء الذي يشكل عائقا حقيقيا أمام أداء عملهم كما يجب و يحرم فئات واسعة من الشعب من الاستفادة من الحق في الصحة و يضرب قيم العدالة و المساواة و نكافؤ الفرص بعرض الحائط .
في هذا السياق ، و من أجل تثبيت الهوية المواطنة لمدرسة لوڭوس لتكوين الممرضين والممرضات بأيت أورير نقرر إدراج الأمازيغية في قائمة الدروس التي يتلقاها طلبة المدرسة لتمكينهم من الأدوات الكفيلة بجعلهم يؤدون المهام المنوطة بهم في المستقبل على أكمل وجه ، و لتقديم خدمة صحية قوامها الفعالية و صون كرامة المستفيدين ، و ذلك من خلال الاستعانة بأطر تكوينية مشهود لها بالكفاءة ، لنضع بذلك اللبنة الأولى في مسار تصالح مؤسسات التكوين مع لغة تستعملها شرائح عريضة في بلادنا و إيجاد موطئ قدم لها في برامجها من أجل تسليح خريجيها بالمعارف الأساسية التي تلزمهم لتجويد العرض الصحي في بلادنا كما و كيفا . و نستغل هذه الفرصة لنوجه دعوة نناشد من خلالها القيمين على التكوين في المهن الطبية إلى إقرار إلزامية إدراج الامازيغية في الجامعات و المعاهد و المدارس المختصة في هذا المجال ، كما ندعو هذه المؤسسات إلى التفاعل الجدي مع هذه المبادرة التي تروم إعطاء الأولوية لقداسة الحق في الصحة و الحق في الحياة على أي اعتبارات أخرى ، فالتكوين الذي يمثل الخدمة الأساسية التي نقدمها يعد وسيلة أساسية للتمكين من الولوج إلى الحق في الصحة و التي لا يمكن أن نضمن الاستفادة منها دون إلمام المتدخلين فيها باللغة الأمازيغية .
جريدة العالم الأمازيغي صوت الإنسان الحر