في مسألة التراجع المهول لعدد الناطقين بالأمازيغية…

عمر اسرى
عمر اسرى

بغض النظر عن دقة الإحصاء من عدمها بسبب وجود استمارة لم تُحْصِ عنصر اللغة، وهي الإستمارة السائدة.

بعيدا عن مقاربة صراع الأرقام من منطلق الصراع اللغوي الذي لا يمكننا تبنيه بأي حال من الأحوال، لأننا نؤمن أننا شعب واحد موحد من داخل تنوعنا المعزز للحمتنا، و تشبثنا بالأمازيغية يوازيه التشبث بكل مكونات هويتنا الجامعة.

أشرت مرارا إلى تراجع تملك هذه اللغة الرسمية من طرف الأجيال الجديدة بشكل رهيب، خصوصا بمناطق الأطلس المتوسط وشرق المملكة، حيث أن السواد الأعظم من الشباب البالغين أقل من 25 سنة من أب وأم أو جد وجدة ناطقين بالأمازيغية، لا يتحدثون اليوم بهذه اللغة، بما في ذلك بالعالم القروي.

بالاطلاع على نتائج الإحصاء (مهما اختلفنا حولها)، سنجد فقط النصف أو أقل من ساكنة أقاليم الخميسات، الحاجب، إفران، صفرو، بني ملال، خنيفرة (أكبر من النصف بقليل)، مكناس، فكيك، بركان… يتحدثون الأمازيغية، حيث من المفترض أن ساكنة مناطق “تعبير تمزيغت” في الأصل، أكبر بكثير من ساكنة “تعبيري تريفيت وتشلحيت”، فيما تبين الإحصائيات أنها صارت في المركز الثاني وتمثل فقط نصف عدد الناطقين ب”تشلحيت”، بسبب التراجع المهول في استعمال الأمازيغية لدى الأجيال الجديدة بمناطق الأطلس المتوسط. أما في المدن فهذه النسبة أكبر لدى الشباب المنتمي للعائلات الناطقة بالأمازيغية.

لو أحصينا عدد المغاربة الذين فقدوا الأمازيغية كلغة أم، لوجدنا النسبة تتجاوز 30٪ من المغاربة منذ الاستقلال.

الأمازيغية مكون رئيسي من مكونات الهوية الوطنية، وحمايتها من حماية هويتنا الوطنية الموحدة من داخل التنوع.

تجمعنا “تمغربيت” من طنجة إلى الگويرة، كشعب واحد كان ومازال، وسيظل يستثمر تنوعه في تقوية وحدته السرمدية دائما وأبدا، لكننا مع حماية مكونات الهوية الجامعة ودعم انتشارها وإدماجها مؤسساتيا ومجتمعيا.

إعادة الاعتبار للأمازيغية كمكون رئيسي من مكونات الهوية الوطنية رهين ب:

* تفعيل روح التوجيهات والخطب الملكية السامية منذ خطاب أجدير، وروح دستور 2011 الذي نص على العربية والأمازيغية كلغتين رسميتين للوطن.

* عدم اختزال الأمازيغية في عنصر اللغة، فهي ثقافة وقيم وتاريخ وعادات وتقاليد.

* عوض التركيز على الأرقام، توحيد الرؤى والجهود والطاقات من أجل وقف النزيف والحيلولة دون انقراض هذه اللغة.

* ضرورة تبني الحكومة لإستراتيجية استعجالية لإحياء وحماية الأمازيغية، خصوصا في المناطق التي تشهد تراجعا مهولا في هذا الجانب.

* تسريع إدماج الأمازيغية في منظومة التربية والتكوين أفقيا وعموديا.

* تقوية الإعلام الناطق بالأمازيغية وجعله يلعب دورا أكبر في حماية الأمازيغية والنهوض بها.

* إدماج الأمازيغية في مختلف مناحي الحياة.

* دعم الجمعيات الجادة التي تشتغل في مجال الدفاع عن الأمازيغية وحمايتها وتلقينها للناشئة، من خلال التمييز الإيجابي في منح الدعم (مع مراقبة صرف الميزانيات بشكل صارم ودقيق).

* استيعاب فلسفة مقولة جلالة الملك في خطاب أجدير التاريخي: “الأمازيغية ملك لكل المغاربة بدون استثناء”، وهي دعوة لتوعية جميع المغاربة بأن الأمازيغية لا تعني بأي شكل من الأشكال الناطقين بها، بل كل المغاربة من طنجة إلى الكويرة.

* الإيمان بضرورة تكوين جيل جديد مزدوج اللغة (اللغتين الرسميتين)، قبل إتقانه للغات الأكثر انتشارا في العالم.

اقرأ أيضا

غياب المغرب من حفل قرعة كأس افريقيا المقام في المغرب

أثناء مشاهدتي لحفل قرعة كأس أمم إفريقيا بالمغرب، صُدمت بما رأيت. كنت أتوقع احتفالًا يعكس …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *