وكالة تنمية الأطلس الكبير الوعود الكبيرة والجراح المثخنة

محمد الغلوسي*

صدر مرسوم بقانون 870-23-2 المتعلق بإحداث وكالة تنمية الأطلس الكبير خلال شهر أكتوبر 2023، ويتكون من مواد تصل إلى 20 مادة تحدد اختصاصات ومهام الوكالة ونطاق تدخلها وأجهزتها وغير ذلك.

وتشير المادة 11 إلى أن الوكالة لا تخضع للرقابة المالية موضوع القانون رقم 69-00 المتعلق بالمراقبة المالية للدولة على المنشآت العامة وهيئات أخرى، وقال البعض دفاعا عن عدم خضوعها للرقابة المالية بأن الهدف من ذلك هو تفادي بيروقراطية المساطر بغاية التنزيل السريع والسليم للمشاريع المتعلقة بالمناطق التي ضربها زلزال 8شتنبر 2023.

لكن يبقى هذا الدفع غير مؤسس دستوريا على اعتبار ان صرف المال العام يخضع لمساطر قانونية في إطار الشفافية والحكامة فضلا عن كون الدستور قد اقرن ممارسة المسؤولية العمومية بالمحاسبة وهو ما يقتضي خضوع الاموال المخصصة للوكالة لقواعد التدقيق والافتحاص.

وقد أوضحت المذكرة التقديمية الخاصة بالمرسوم أعلاه ان التمويل سيتم تأمينه انطلاقا من الاعتمادات المرصودة من الميزانية العامة للدولة، ومساهمات الجماعات الترابية والحساب الخاص للتضامن المخصص لتدبير الآثار المترتبة على الزلزال، وكذا من خلال الدعم والتعاون الدولي”.

الأمر واضح بأن تمويل الوكالة سيتم عن طريق ضخ اموال عمومية في ميزانيتها والتي يجب في تقديري ان تخضع للرقابة من طرف المجلس الأعلى للحسابات والهيئات الاخرى المخول لها قانونا ذلك، ولا يجب ان يكون المدبرون لأموال هذه الوكالة بما في ذلك مديرها خارج دائرة المساءلة ،خاصة وان تجربة وكالات اخرى ومنها وكالة تنمية الأقاليم الجنوبية قد اثبتت حصول اختلالات كبيرة في تدبير هذه الوكالة وهو نفس الأمر بالنسبة لوكالة تنمية الشمال دون أن يحاسب أحد ،ولذلك فانه لا يجب ان تستمر هذه المنهجية غير الدستورية في تدبير وكالة تنمية الأطلس الكبير اذ يجب ان يخضع الجميع للقانون وان يقدم المسؤولون فاتورة توليهم المسؤولية العمومية وتدبير الاموال العمومية.

وسبق للملك أن عين مدير هذه الوكالة خلال شهر اكتوبر 2024 كما ترأس رئيس الحكومة مجلس التدبير الاستراتيجي خلال دجنبر الماضي والى حدود اليوم فان الوكالة لم تباشر مهامها في تنزيل برنامج اعادة الإعمار والإيواء الخاص بالمناطق التي ضربها الزلزال.

وتضمنت المذكرة التقديمية لنص المرسوم أعلاه غاياته الفضلى: “من أجل تنزيل ناجع لهذا البرنامج المهيكل، تنفيذا للتعليمات الملكية السامية الداعية إلى ضرورة اعتماد حكامة نموذجية مُقوّماتُها السرعة والفعالية والدقة والنتائج المقنعة حتى يصبح برنامج إعادة البناء والتأهيل العام للمناطق المتضررة نموذجا للتنمية الترابية المندمج”.

وإلى حدود اليوم لم نلمس أي عمل أو تحرك لوكالة تنمية الأطلس الكبير ويبدو أن كل المسؤولين يعتبرون ان ملف الزلزال لا يعنيهم بشكل او بآخر وان الوكالة هي المسؤولة عن تنفيذ البرنامج، وبين تأخر الوكالة وتنصل المسؤولين من المسؤولية، فإن الضحايا لايزالون ينتظرون تنفيذ الوعود المقدمة لهم وهم يداوون جراحهم ويحكون قصصهم ومعاناتهم في الخيام البلاستيكية وسط برد قارس وثلوج تحاصرهم وآمال في ان تنتهي محنتهم وكابوسهم في اقرب وقت.

*محامي بهيئة مراكش

رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام

اقرأ أيضا

“تاماينوت” تعتبر الحكم على ايت مهدي مسا بالحقوق والحريات وتطالب بمعالجة “الاختلالات”

اعتبرت “منظمة تاماينوت” الأحكام الاستئنافية الصادر في حق سعيد أيت مهدي منسق التنسيقية الوطنية لضحايا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *