أخبار عاجلة

الزريبة العليا.. قرية أمازيغية عريقة نُحِتت بيوتُها في صخور جبل زغوان بتونس

على قمة جبلية شاهقة شمال شرقي تونس، تقبع قرية الزريبة العليا، إحدى أقدم القرى الأمازيغية التي نحت سكانها الأصليون مساكنهم من صخور جبل زغوان، واتخذوا منها حصناً يحميهم من الغزاة على مرّ العصور.

تقع القرية فوق تلة صخرية وعرة المسالك، لا يصل إليها الزائر إلا عبر أدراج مرتفعة وأزقة ضيقة مرصوفة بالحجارة. وما إن يبلغ قمتها، حتى تظهر أمامه بقايا بيوت متفرقة وكهوف نحتها الأمازيغ لتكون مساكن بسيطة، بعضها يضم غرفاً أحادية وأخرى بطوابق، فيما خُصص جزء منها كمعاصر زيت زيتون تقليدية صُممت بحنكة من الصخور الجبلية.

وفي أعلى القمة، يقف “القصر المعلّق”، الذي كان الأهالي يخزنون فيه المؤونة من حبوب وبقول وفواكه جافة.

ورغم أن معظم مساكن القرية انهارت بفعل الزمن والتغيرات المناخية، فإن ملامحها التاريخية لا تزال صامدة، شاهدة على نمط حياة الأمازيغ الذين عرفوا بخبرتهم في استغلال تضاريس الجبال وثراء مواردها المائية، وبتقديرهم لأهمية السكن في القمم لأسباب دفاعية ومناخية.

ويشير المؤرخ التونسي عبدالقادر المسيليني إلى أن اختيار الأمازيغ الاستقرار في القمم كان تكتيكاً دفاعياً ضد الأخطار، وهو سمة مشتركة في القرى الأمازيغية شمالاً وجنوباً. ويضيف أن المناخ البارد وغزارة الأمطار جعلا من جبل زغوان موقعاً مثالياً للحياة والاستقرار.

اليوم، لم يبقَ في القرية سوى أربع عائلات فقط، لكن آثارها ما زالت تجذب آلاف السياح المحليين والأجانب سنوياً. ويؤكد ناشط المجتمع المدني عادل العلويني أن تصاميم البيوت ومباني القرية ما زالت واضحة المعالم رغم مرور السنين، داعياً إلى حماية هذا التراث الفريد الذي يمثل جزءاً أصيلاً من الهوية الأمازيغية وتاريخ تونس.

وتبقى الزريبة العليا، رغم عزلتها وندرة سكانها، وجهة سياحية وثقافية بارزة، تحمل في صخورها حكايات حضارة أمازيغية صمدت أمام الزمن وما زالت تروي قصصها لزائريها.

 

المصدر: العين الإخبارية 

 

اقرأ أيضا

“جيل Z” يحدد سبع أولويات وطنية للإصلاح

أصدر شباب “جيل زد”، المشاركون في الاحتجاجات السلمية التي انطلقت منذ 27 شتنبر الماضي، بيانًا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *