أخبار عاجلة

الراحل حمزة عبد الله قاسم.. منارة الإعلام الأمازيغي وصوت الصمود الثقافي

في يوم السابع من أكتوبر 2025، تحل الذكرى الثانية عشرة لرحيل أحد أعمدة النضال الثقافي والإعلامي الأمازيغي في المغرب، المرحوم الأستاذ حمزة عبد الله قاسم، مدير جريدة أدرار، ورئيس الجمعية الثقافية لسوس، وأحد أبرز الوجوه التي نذرت حياتها لخدمة الهوية واللغة والثقافة الأمازيغيتين.
وُلد الراحل سنة 1948 بدوار أگرض أوضاض بتافراوت، في قلب الأطلس الصغير، حيث تشكلت ملامح شخصيته المناضلة، وتشبّع منذ الصغر بقيم الأصالة والارتباط بالأرض واللغة. كان المرحوم مثقفاً عصامياً، أديباً وصحفياً، وناقداً ذا قلم جريء، حمل همّ الثقافة الأمازيغية في زمنٍ كان الحديث عنها تحدياً كبيراً، وكرّس قلمه وفكره للدفاع عنها في مختلف المنابر الثقافية والإعلامية.
في ثمانينات القرن الماضي، أسّس جريدة “أدرار”، التي تعدّ أول منبر إعلامي أمازيغي بالمغرب، صدر عددها الأول سنة 1984، وكانت صوتاً حراً للثقافة واللغة الأمازيغيتين، قبل أن تتوقف بعد 24 عدداً بسبب ضعف الإمكانيات المادية. ورغم ذلك، بقيت “أدرار” رمزاً للصمود، تماماً كما يوحي اسمها الذي يعني “الجبل” بالأمازيغية.
لم يقتصر عطاء الأستاذ حمزة على الصحافة فحسب، بل كان من المؤسسين الأوائل للجمعية الثقافية لسوس، ومن الموقعين على ميثاق أكادير سنة 1981، الذي يعتبر المرجع المؤسس للحركة الثقافية الأمازيغية بالمغرب. وبقلمه الرزين وأسلوبه النقدي العميق، أغنى الخزانة الوطنية والأمازيغية بمقالات ودراسات وقصص وإبداعات شعرية شكلت علامة مميزة في مسار الثقافة المغربية الحديثة.
عانى الراحل، في سنواته الأخيرة، من أزمات صحية مزمنة أبعدته بعض شهور عن الساحة الثقافية وعن جريدة رسالة الأمة التي اشتغل فيها لسنوات طويلة، لكنه ظلّ يحمل همّ الكلمة وقضية الهوية حتى آخر لحظة من حياته. وغادرنا إلى دار البقاء يوم 7 أكتوبر 2013، حيث وُوري جثمانه الثرى بمقبرة الشهداء بالدار البيضاء، تاركاً خلفه إرثاً فكرياً ووجدانياً عميقاً سيظل حاضراً في ذاكرة كل من عرفه أو تتلمذ على فكره.
وخلال النسخة الرابعة من مهرجان تيفاوين بتافراوت، تم تكريمه تقديراً لمساره الزاخر بالعطاء، واعترافاً بجهوده الريادية في تأسيس إعلام أمازيغي حر ومستقل. ذلك الإعلام الذي آمن به الراحل كوسيلة للتحرر الثقافي واستعادة الذات.
رحم الله صديقنا حمزة عبد الله قاسم، الرجل الذي جسّد معنى الالتزام والنبل، والمناضل الذي جعل من الكلمة جسراً بين الأصالة والمعاصرة، ومن القلم وسيلة للدفاع عن الإنسان الأمازيغي في كل مكان.
سيبقى اسمه منقوشاً في ذاكرة سوس، وفي ذاكرة كل من يؤمن أن الثقافة مقاومة، وأن الهوية لا تموت.
أكادير: إبراهيم فاضل

اقرأ أيضا

في رحاب سوس”.. مشروع ثقافي بأكادير ينبش في ذاكرة الحكاية الأمازيغية

أكادير – في خطوة تهدف إلى صون الذاكرة الجماعية وإحياء التراث اللامادي، شهد المركب الثقافي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *