عبد السلام خلفي
لا أحد يشك في أن الإسلام جاء ليرسي المحبة والسلام بين الناس؛ كما أنه لا أحد ينكرُ أن العرب في عهد الرسول وقبله كانوا من أكثر الشعوب عصبية ونزوعاً إلى القتل والغزو والاعتداء على الناس؛ ولأن الإسلام جاء ليخرج هؤلاء القوم من جاهليتهم وعصبيتهم هذه، فإن أول شيء ركز عليه ودعاهم إليه إنما هو "إفشاء السلام بينهم"؛ ولذلك نجد أن هناك آيات قرآنية وأحاديث وأفعال للرسول كثيرة تؤكد كلها على ضرورة توثيق عرى المودة والمحبة والأخوة بين الأفراد والجماعات والقبائل والشعوب عن طريق إقراء السلام والبحث عن الوسائل القمينة بتحقيقه كي لا يتحول العالم إلى غابة يأكل فيها القوي الضعيف؛ ومن ضمن الآيات القرآنية التي أكدت على مفهوم السلام وإن لم يرد بلفظه قوله تعالى في سورة النساء، الآية 86: "وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا"؛ كما أن من ضمن الأحاديث المروية عن الرسول، في هذا الإطار، ما رواه عبد الله بن عمر؛ فقد جاء رجل إلى الرسول يسأله "أي الإسلام خير؟" فأجابه الرسول: "تطعم الطعام وتقرئ السلام على من عرفت ومن لم تعرف" (متفق عليه)؛ كما تواترت أيضاً أخبار أخرى جعلت من التحية سلوكاً حضارياً موجهاً إلى المسلمين وغير المسلمين في نفس الوقت؛ فقد روي عن الرسول أنه "مرّ بمجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين فسلم عليهم".
اقرأ المزيد