صرخة العدد 176/يوليوز 2015/2965

أثار الإعتداء الدي تعرضت اليه مواطنتين مغربيتين بمدينة إنزكان، أياما قبل رمضان، بدعوى أنهن لا يرتدين لباسا محتشما، ربما وفق تصور الجماعات الدينية، موجة إيجابية من الاحتجاج والتنديد، ولكنه بالمقابل أعاد تيه الدولة بين منظومتي قيم متناقضتين شرقية وغربية إلى الواجهة، خاصة مع استحضار تعامل النيابة العامة مع الواقعة وانسجامها في البداية مع توجهات لا تمث بصلة للقانون المغربي نفسه، ناهيك عن سماحها بمحاولة مواطنين متطرفين تطبيق ما يرونه احتراما للحياء بأيديهم، ولعل الدولة المغربية حاولت تدارك الخطأ الذي وقعت فيه أجهزتها الأمنية بمدينة إنزكان خلال محاكمة المواطنتين الضحيتين، بحيث انسجمت مرافعة النيابة العامة مع مطالب الحقوقيين، ولكن بالموازاة مع دالك لابد من طرح التساؤل حول ضبابية القوانين المغربية وواقع الحريات التي يكفلها دستور البلاد و الإتفاقيات الدولية التي وقع عليها المغرب في هذا المجال، خاصة في ظل تصريحات وزير العدل المغربي التي تشرعن الشئ ونقيضه وتكرس نفاق الدولة والمجتمع؟
وزير العدل المغربي وعلى الرغم من محاولاته نزع جلبابه الإسلامي في مداخلاته وتصريحاته حول القوانين المغربية والحريات الفردية بالبلاد، إلا أنه سقط في تكريس النفاق القانوني والمجتمعي، إذ حين يصرح مثلا بعدم وجود ما يمنع العلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة خارج إطار الزواج شريطة أن تكون بعيدة عن الأعين ويقول أن من تستر ستره الله، فإننا نتساءل حقا عن السند الذي يستند إليه السيد الوزير، لأنه إذا كان كمسؤول يستند إلى القانون فالفصل 490 من مسودة القانون الجنائي، يجرم العلاقات الجنسية بين الرجل والمرأة خارج إطار الزواج، وما دام الأمر كذلك فالسيد الوزير إذا لا يقوم إلا بتكريس الانفصام والنفاق داخل الدولة والمجتمع، ويشجع أيضا عدم احترام القانون من قبل المواطنين، وذلك بدل الإعتراف بإختلال القانون المغربي ورجعيته وعدم انسجامه مع واقع المغاربة، ولكن السيد الوزير لا يبدو  أنه يمتلك شجاعة الإعتراف بذلك، لهذا يقول كلاما لا يمكن لأي مواطن مغربي أن يدفع به  أمام القضاء في حالة اعتقاله بسبب دالك الفعل، أو يأخذ به في أفعاله، وهو في النهاية كلام يشجع على خرق القانون. ولكن السيد الوزير لا يضمن عدم إنزال العقوبة بمن يفعل ما يقوله، ويقدم من ناحية وصفا لواقع المغاربة ولا يعالج تحدياته، مادامت العلاقات خارج إطار الزواج أمرا سائدا في المجتمع، رغم استمرار سجن وتغريم المغاربة جراء ذلك..
وزير العدل المغربي الذي حلل النفاق ومراوغة القانون، سقط في تناقض كبير مع نفسه وتناسى حديثه في جلسة نظمتها صحيفة ليكونوميست، حين تناولت الإفطار العلني في رمضان وبعد حديث السيد «الرميد» عن قول المشرع في هذا الأمر أنهى كلامه بالقول «إذا كان من يدافع عن الإفطار قادرا على مواجهة المجتمع واختبار صلابة أفكاره، فليذهب إلى شارع محمد الخامس ويفطر، وحينها سترون ما سوف يقع»، وهنا كذلك فالرميد يشجع فئة من المواطنين على خرق القانون ومعاقبة من يفطرون علنا بأيديهم.
ونحن تائهون بين أقوال وزير العدل المتناقضة، فإننا نتساءل عما إذا كان المجتمع الذي يتحدث عنه الرميد فيما يتعلق بالإفطار، هو نفسه الذي يقول له أن لا مانع من إقامة العلاقات بين الرجل والمرأة خارج إطار الزواج؟
الجواب في هذه الحالة واحد من اثنين، إما أن الوزير منافق أو يساير نفاق المجتمع، وكيفما كان الرد فالواضح أن ثمة خلفيات أخرى تتحكم في مواقف الوزير لا تمت بأي صلة للقانون المغربي، ولا للمرجعية الإسلامية لحزبه، ولا للمواثيق الدولية التي وقع عليها المغرب والتي تلزمه بضمان كافة أنواع الحريات للمواطنين..
للأسف مرة أخرى نجد أنفسنا نتناول قضية النفاق الذي يتم تكريسه في المجتمع من طرف الدولة وهو نفاق خطير، لأن المجتمع الذي يتحدث عنه الرميد لا يتوفر فيه أي أحد على ضمانات حول توجهاته العامة الحقيقية، ما دام ثمة انفصام خطير بين ما يمارسه وما يعتقده، ولعل قضية فتاتي إنزكان وقضايا مشابهة خير مثال على ذلك، فأي متحرش يتم رفض ممارساته من قبل أي فتاة، يلجأ بعدها مباشرة للمرجعية الدينية لسبها وشتمها، وكما توظف بعض الأحزاب كل المرجعيات وفقا لمصالحها، يجد المغربي نفسه يقوم بالأمر عينه، ولهذا فنحن نتجه بإستمرار نحو دولة ومجتمع بلا أية هوية و لا مرجعية أو حتى عقيدة، وفي نفس الوقت دولة كل الهويات وكل الأديان وكل المرجعيات، إننا ببساطة في مهب كل الرياح.
وفي هذا الصدد قال الحكيم الامازيغي:
Izi ur sar iskr tammnt, waxxa yugr tazwit
ⵉⵣⵉ  ⵓⵔ    ⵙⴰⵔ   ⵉⵙⴽⵔ   ⵜⴰⵎⵎⵏⵜ ,  ⵡⴰⵅⵅⴰ  ⵢⵓⴳⵔ  ⵜⴰⵣⵡⵉⵜ
 
صرخة العدد 176/يوليوز – جريدة العالم الأمازيغي

شاهد أيضاً

أمينة ابن الشيخ

صرخة العدد 285 أكتوبر 2024/2974

يمتاز المغرب بتاريخ عريق وطويل تعكسه الإكتشافات الأثرية المتنوعة التي شهدتها البلاد في العقود الأخيرة، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *