أحمد بوكوس عميد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية: «أماضال أمازيغ» نموذج لشركة إعلامية منخرطة في سيرورة النهوض بالأمازيغية
تحتفي «أماضال أمازيغ» هذه السنة بعامها العشرين، وهي ذكرى ذات أهمية كبيرة للصحافة الناطقة بالأمازيغية خصوصا، وللأمازيغية لغة وثقافة وهوية عموما، لما لها من دور تاريخي، بوصفها من أوائل الدوريات المخصصة للأمازيغية. قامت «أماضال أمازيغ» بتدبير صعب ولكنه واقعي، يتمثل في كونها صحيفة عامة بثلاث لغات تقدم مقالات عن السياسة العامة والقطاعية. وهي، علاوة على ذلك، دورية للمعلومات الثقافية، والتوعية باللغة والثقافة الأمازيغيتين باللغات العربية والأمازيغية والفرنسية، إلى جانب الرسوم التوضيحية الملونة. وتستهدف الجريدة جمهورًا واسعًا من القراء على المستويات المحلية والوطنية والدولية، مع اهتمام شديد بالشتات الأمازيغي.
كما تمثل الشركة الأمازيغية للنشر دعماً هاماً لنشر أبجدية تيفيناغ في البيئة الإعلامية مما يعزز عملية توطين كتابة تيفيناغ المنصوص عليها في القانون التنظيمي 16-26 المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية. وبخصوص الخط التحريري للصحيفة، فهو يتمثل في جعلها قوة اقتراح، وأداة للترافع لصالح اللغة والثقافة الأمازيغيتين، والجهات الفاعلة في المجتمع المدني، وجمعيات المبدعين، وتنمية العالم القروي، وتعزيز مكانة المرأة، والارتقاء بالفاعلين في التعليم، وتثمين عمل المؤسسات التي تدعم التراث الأمازيغي. وتجدر الإشارة أيضًا إلى أن جريدة «العالم الأمازيغي» منفتحة على البيئة السياسية وتطوراتها، وخاصة المكانة التي يحتلها الأمازيغ، مع اتجاه حديث لتفضيل مقاربة سياسية منخرطة في العمل الحزبي لصالح الأمازيغية.
وتعتبر تجربة شركة النشر الأمازيغية نموذجية أيضًا في رغبتها في الاندماج في المجال المقاولاتي. وعلى الرغم من محدودية الموارد، فإنها تشكل مثالا لمقاولة تهدف إلى إدماج التعبير الأمازيغي في المجال الإعلامي الوطني بواسطة شركة حديثة يمكن أن تكون نموذجًا للصناعات الإبداعية الأمازيغية. وغني عن البيان أن تلك هي الوسيلة التي يمكن أن تكون بمثابة رافعة للترقية الذاتية للأمازيغية خارج التبعية والإتكال على المساعدة من الغير. وفي هذا السياق، فإن شركة النشر الأمازيغية تبذل جهودًا حثيثة للحفاظ على مكانتها في سوق الإعلام من خلال نشر الصحيفة الورقية مع سحب 10.000 نسخة من كل عدد، إضافة إلى الموقع الإلكتروني، فإنه من المحتمل أن يوفر ذلك للإعلام الأمازيغي ولوج العالم الافتراضي لمواجهة تحديات التحول الرقمي. هذه الشركة الصغيرة جدًا، المكونة من بنية خفيفة تشغل ستّة أشخاص، تلبي المتطلبات الإدارية والمالية والفنية للشركة. وتتمتع الشركة أيضًا بميزة الشفافية من خلال نشر تقريرها المالي السنوي، وهذا ليس بأمر اعتيادي ويسير.
وهكذا، فإنه بات من الواضح أن نجاح هذه التجربة يعتمد على جودة الحكامة والتزام العاملين والموارد المالية المتاحة للشركة من خلال تمويلها الذاتي والدخل من الإعلانات المدرجة والرعاية والدعم المالي للمؤسسات العمومية. والخلاصة من تقييم تجربة «أماضال أمازيغ» أنه يجب أن تنجح هذه التجربة حتى تكون بمثابة قاطرة للمشروع الثقافي الذي يصبو إلى النهوض الفعلي بالأمازيغية.