أخبار عاجلة

“إيغود”.. المسرح الأمازيغي يضيء فضاءات آيت أورير وورزازات ويوقظ أسئلة الذاكرة والإنسان

في أمسيتين متتاليتين بمدينة آيت أورير ومدينة ورزازات، عاش عشّاق “أب الفنون” لحظات مسرحية استثنائية مع عرض مسرحية “إيغود”، العمل الجديد لـ«محترف أكادير للفنون»، الذي يواصل جولته الوطنية بعد النجاح اللافت الذي حقّقه عرضه الافتتاحي بالمركز الثقافي إبراهيم الراضي بأكادير يوم 19 شتنبر 2025.

انطلقت الجولة مساء الجمعة 17 أكتوبر من آيت أورير وسط حضورٍ جماهيري فاق التوقعات، لتستمر في ورزازات مساء السبت 18 أكتوبر، بقاعة المركّب الثقافي، بحضور جمهور من مختلف الفئات العمرية، الذين تابعوا بشغف تفاصيل عملٍ يجمع بين العمق الفلسفي والجرأة الفنية.

عُرضت المسرحية في آيت أورير بتنسيق مع منظمة «تاماينوت آيت أورير» وجمعية «أناروز للثقافة والتنمية»، فيما احتضنت ورزازات العرض بشراكة مع المديرية الإقليمية لوزارة الشباب والثقافة والتواصل – قطاع الثقافة –، والمجلسين البلدي والإقليمي، و«ورزازات إيفينت».

المسرحية، التي تحمل عنوان “إيغود”، تستمدّ اسمها من الموقع الأثري العالمي «أدرار إيغود»، مهد أقدم إنسانٍ عاقل، لتتحوّل خشبة المسرح إلى فضاءٍ رمزي مفتوح على أسئلة الذاكرة والهوية والوجود.

في قالبٍ يجمع بين الكوميديا السوداء والعبث والفلسفة، تقدّم المسرحية رؤية معاصرة تجعل من الماضي مرآةً للحاضر، ومن اللغة الأمازيغية وعاء للتفكير في قضايا الإنسان المغربي بلغةٍ فنيةٍ راقيةٍ ومؤثرة.

يجسّد الأدوار كل من حميد أشتوك، كبيرة البرداوز، حسن عليوي، وخديجة أمنتاك، في أداء جماعي متكامل تميّز بالتوازن الجسدي واللغوي، بينما ساهمت السينوغرافيا المحكمة التي صمّمها هشام الذهبي في خلق عوالم بصرية تنقل المشاهد بين الأزمنة والأفكار، مدعومة بإضاءة دقيقة من توقيع خالد لكتيف، وموسيقى هشام ماسين، وأزياء من تصميم مليكة موض.

ويوقّع النص الكاتب سفيان نعوم، بترجمة حسن سرحان، في حين أشرف على الإنتاج حسن ادنارور، وتولّى منتصر إثري مهمة الإعلام والتواصل، وحسن حنيش المحافظة العامة.

ويحظى العمل بدعم من وزارة الشباب والثقافة والتواصل – قطاع الثقافة – وجماعة أكادير، ضمن مشروعٍ يسعى إلى تعزيز حضور المسرح الأمازيغي في الساحة الوطنية، وتثمين قدرته على معالجة قضايا الإنسان والمجتمع بلغةٍ إبداعية تجمع بين الجدية والسخرية.

وأجمعت ارتسامات عددٍ من الجمهور على اعتبار “إيغود” تجربة مختلفةً تمامًا. “ليست مسرحيةً للتسلية، بل مرآةً نرى فيها تاريخنا وأسئلتنا المؤجّلة”، يقول الحبيب أيلال.

من جهتها، وصفت إحدى الحاضرات العملَ بأنه “صرخةٌ ثقافية تذكّر الناس بأن المسرح الأمازيغي قادرٌ على ملامسة العمق الإنساني بنفس عالمي”.

وقال حميد أشتوك إن المسرحية “محاولة فنية لاستحضار الإنسان الأول كرمزٍ للتجدّد والبحث عن المعنى، في زمنٍ فقد فيه الإنسان المعاصر تواصله مع جذوره”.

وأضاف أن الفريق اختار “اللغة الأمازيغية لأنها لغة الروح والذاكرة، القادرة على نقل المعاني الفلسفية دون فقدان الإحساس الشعبي والبساطة”.

تميّز العرضان في آيت أورير وورزازات بتفاعل جماهيري لافتٍ وتصفيقاتٍ طويلة، عكست تعطّش الجمهور المحلي لأعمالٍ مسرحية جادة توازن بين المتعة والفكر، وتؤكّد وعيًا متزايدًا بدور الفن في النقد والبناء والتنوير.

وفي ختام الجولة، دعا «محترف أكادير للفنون» الجمهورَ إلى مواكبة العروض المقبلة التي ستشمل مدنًا وقرًى جديدة، استمرارًا في حمل رسالة المسرح الأمازيغي إلى كل ربوع الوطن، ونشره في مختلف الفضاءات الثقافية.

اقرأ أيضا

تكريم الكاتبة الأمازيغية أسماء أوطاح بكطالونيا تقديرا لمسارها الثقافي والحقوقي

تم يوم الأربعاء 15 أكتوبر 2025، تكريم الكاتبة والناشطة الأمازيغية أسماء أوطاح، المقيمة بكطالونيا، وذلك …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *