في ظل المتغيرات المجتمعية والسياسية التي شهدتها شمال إفريقيا والمغرب بشكل خاص، ظهرت الحركة الأمازيغية كحركة ثقافية واجتماعية تسعى لترسيخ الهوية الأمازيغية والدفاع عن الحقوق المرتبطة بها. ومع تزايد الحوار والنقاش داخل الحركة، أصبح من الضروري التأكيد على وجوب الاحترام المتبادل بين المناضلين؛ فهذا الاحترام هو الأساس الذي يضمن وحدة الصف وتماسك الجهود.
فالحركة الأمازيغية ليست مجرد تجمع للأفراد، بل هي كيان يسوده الحوار البنّاء، ويضبطه إطار من المبادئ الأساسية التي ينبغي أن تحكم سلوك الأعضاء وتوجه نقاشاتهم.
وفي هذا السياق، وجب التذكير بأن الحركة الأمازيغية تقوم على مبادئ المساواة، العقلانية، النسبية، الحداثة، والديمقراطية، وهي القيم التي يجب أن توجه عملها وحواراتها.
1. المساواة
تُعد المساواة أحد المبادئ الأساسية التي تلتزم بها الحركة الأمازيغية، فهي لا تعترف بأي تمييز بين أفراد المجتمع، سواء كان ذلك على أساس اللغة، أو العرق، أو الدين، أو الجنس.
هذا المبدأ يعزز دور الحركة في الدفاع عن حقوق الأمازيغ، من خلال المطالبة بتوفير فرص متساوية للجميع وضمان تمثيل الأمازيغ في مختلف المؤسسات.
المساواة هنا ليست مجرد شعار، بل رؤية تحرك الحركة نحو بناء مجتمع عادل وشامل، تُكفل فيه الحقوق والواجبات بالتساوي بين الجميع.
2. العقلانية
العقلانية تشكل أحد الأعمدة التي تقوم عليها الحركة الأمازيغية، إذ تعتبرها وسيلة للتفكير والتحليل بعيداً عن الانفعالات والأحكام المسبقة.
تتبنى الحركة مقاربة عقلانية للتعامل مع قضاياها، حيث تحث على الاستناد إلى المنطق والبحث العلمي في طرح الحلول والتعامل مع التحديات، هذا المبدأ يمكّن الحركة من مواجهة التحديات الفكرية والثقافية بأسلوب يعتمد على التحليل والموضوعية، ما يساعد في بناء خطاب متزن يبتعد عن النزاعات العقيمة.
3. النسبية
تؤمن الحركة الأمازيغية بالنسبية كأداة للتعايش والتفاهم بين مختلف مكونات المجتمع، فمبدأ النسبية يظهر تفهماً لفكرة أن المجتمعات متعددة ومتنوعة، وأنه لا يمكن فرض نمط واحد من التفكير أو الثقافة على الجميع، ويسمح هذا المبدأ بفتح حوار يحترم جميع الرؤى الثقافية والدينية والاجتماعية، مما يعزز التعايش والتعاون.
ووفق هذا المبدأ، لا تدّعي الحركة الأمازيغية امتلاك الحقيقة المطلقة، بل تعتبر أن لكل فئة من المجتمع مساهمتها الفريدة التي تستحق التقدير.
4. الحداثة
الحداثة بالنسبة للحركة الأمازيغية ليست مجرد محاكاة للغرب، بل هي عملية تطوير تعزز القيم الأمازيغية بطرق معاصرة، تسعى الحركة من خلالها إلى مواكبة المستجدات والتطورات العالمية دون التضحية بهويتها وثقافتها.
تعني الحداثة هنا تعزيز التواصل مع الثقافات الأخرى بوعي وانفتاح، وتحديث القيم والأفكار بما يتماشى مع متطلبات العصر، ومن هذا المنطلق تدعو الحركة الأمازيغية إلى إعادة قراءة تراثها وتقديمه برؤية عصرية تسهم في بناء مجتمع ديناميكي ومتطور.
5. الديمقراطية
الديمقراطية هي ركيزة أساسية في فكر الحركة الأمازيغية، حيث تسعى إلى تطبيق مبدأ المشاركة والتعددية في عملها.
ترفض الحركة الزعامات الشخصية التي قد تتحكم في مسارها، وتفضل العمل الجماعي المبني على مشاركة الجميع في اتخاذ القرارات، وتعني الديمقراطية في ادبيات الحركة الامازيغية كذلك الاحترام المتبادل بين كافة الأطراف، وحق الأفراد في التعبير عن آرائهم والمساهمة في رسم السياسات التي تخصهم، وفي هذا السياق، تعمل الحركة الأمازيغية على ترسيخ أسس الديمقراطية ليس فقط داخل الحركة الأمازيغية، بل أيضاً في تعاملها مع المجتمع ككل.
خاتمة
الحركة الأمازيغية تمثل نموذجاً لحركة سلمية ديمقراطية تلتزم بمبادئ تتجاوز الأفراد وتضع القيم في قلب توجهها، قيم تعتمد على المساواة، العقلانية، النسبية، الحداثة، والديمقراطية كأدوات لإحداث تغيير حقيقي في المجتمع، وتسعى نحو مجتمع متنوع ومتسامح، تتحقق فيه العدالة بكل تجلياتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية والفكرية وحرية التعبير.