يُجسد المجتمع المغربي نموذجًا فريدًا للتنوع الثقافي المتناغم، حيث تتكامل مختلف المكونات الإثنية واللغوية لبناء نسيج وطني قوي ومتجانس. ومع طرح مقترح الحكم الذاتي كحل عملي للنزاعات الإقليمية، أظهرت مختلف المكونات الوطنية التزامًا راسخًا بدعم هذا المشروع الوطني الرائد، وفي مقدمتها المكون الأمازيغي، الذي برز كفاعل محوري في تعزيز مخرجاته وتوسيع نطاق قبوله على المستويين الداخلي والخارجي.
الأمازيغ: نموذج للمواطنة الفاعلة
يمثل الأمازيغ ركيزة أصيلة في الهوية الوطنية المغربية، حيث شكّلوا على مر التاريخ عامل استقرار وبناء، وأسهموا بفاعلية في دعم السياسات الوطنية الرامية إلى تعزيز الوحدة والتنمية. ومع تبني مقترح الحكم الذاتي، أظهرت التنظيمات والمؤسسات الأمازيغية وعيًا استراتيجيًا بأهمية هذا المشروع في تحقيق العدالة المجالية وضمان التنمية المستدامة في الأقاليم.
وفي هذا الإطار، لم يقتصر الحراك الأمازيغي على التصريحات والدعوات النظرية، بل ترجم ذلك إلى ممارسات ملموسة تمثلت في إطلاق مبادرات مجتمعية وثقافية تسعى إلى دعم التلاحم الوطني وتعزيز الثقة في مسار الحكم الذاتي.
الثقافة الأمازيغية كرافعة للوحدة الوطنية
تعد الثقافة الأمازيغية أحد أهم روافد الهوية المغربية، وقد لعبت دورًا بارزًا في إبراز التنوع المغربي كمصدر قوة. ومن خلال الفنون، والأدب، والمهرجانات الثقافية، سعى الأمازيغ إلى تسليط الضوء على غنى التراث المغربي وإظهار التلاحم بين مختلف مكونات المجتمع.
وعلى الصعيد الدبلوماسي، أسهمت النخب الأمازيغية في تعزيز صورة المغرب كدولة متعددة الثقافات، قادرة على إدارة التنوع داخل إطار الوحدة، مما أكسب البلاد احترامًا دوليًا واسعًا في هذا المجال.
الحكم الذاتي: إطار لتعزيز التعايش
يُشكّل مقترح الحكم الذاتي فرصة تاريخية لترسيخ التعايش بين مختلف مكونات المجتمع المغربي، حيث يوفر إطارًا مرنًا يُمكّن الجهات من إدارة شؤونها مع الحفاظ على وحدة الدولة. وفي هذا السياق، أظهر الأمازيغ رؤية واعية وحسًا وطنيًا عاليًا بدعمهم لهذه المبادرة، مما يعكس إيمانهم الراسخ بمبادئ العدالة الاجتماعية والمواطنة المشتركة.
رؤية وطنية متجددة
إن الدعم الذي أبداه الأمازيغ لمقترح الحكم الذاتي يعكس وعيًا وطنيًا متجذرًا، ويُبرز كيف يمكن للمكونات الثقافية المتنوعة أن تكون قوة دافعة لتحقيق الاستقرار والتنمية. ويُعد هذا الالتزام نموذجًا مشرفًا يُبرز قدرة المغرب على استثمار تعدده الثقافي لبناء نموذج تنموي يعكس قيم الوحدة والتعايش.
خاتمة
المغرب، بحكمة قيادته وتماسك مجتمعه، قادر على تحويل تحدياته إلى فرص تنموية. ويأتي دعم الأمازيغ للحكم الذاتي كدليل على أن التلاحم الوطني والتنوع الثقافي ليسا مجرد شعارات، بل واقع متجذر يُساهم في ترسيخ استقرار المملكة وتحقيق تطلعاتها المستقبلية.
بقلم المستشار الدكتور/ حسن بن ثابت