وجّه رشيد الراخا، رئيس التجمع العالمي الأمازيغي، رسالة احتجاج إلى المديرة العامة لليونسكو أودري أزولاي، انتقد فيها منح جائزة اليونسكو الدولية لمحو الأمية لمبادرة “مدرسة الفرصة الثانية والتعليم الدامج” بالمغرب.
واعتبر الراخا أن هذه المبادرة، شأنها شأن برامج محو الأمية الرسمية، لا تحترم توصيات اليونسكو المتعلقة بالتعليم باللغة الأم، متهماً المؤسسات التعليمية المغربية بتهميش الأمازيغية رغم ترسيمها دستورياً منذ 2011.
وأشار إلى أن منح هذه الجائزة يتعارض مع الدستور المغربي، والقانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وتوصيات الأمم المتحدة، فضلاً عن التزامات اليونسكو نفسها بتمكين المتعلمين من التعلم بلغتهم الأم.
نص الرسالة:
رسالة احتجاج بشأن جائزة اليونسكو الدولية لمحو الأمية الممنوحة لإحدى المدارس المغربية
إلى السيدة المحترمة
أودري أزولاي
المديرة العامة لليونسكو
الموضوع: احتجاج بشأن جائزة اليونسكو الدولية لمحو الأمية الممنوحة لإحدى المدارس المغربية
السيدة المديرة العامة،
بمناسبة اليوم الدولي لمحو الأمية، الذي يصادف 8 شتنبر، قامت مؤسستكم، اليونسكو، بمنح جائزة للمبادرة المغربية المسماة “مدرسة الفرصة الثانية والتعليم الدامج”.
وبخصوص هذا الاختيار غير المناسب، يشرفني أن أوجه إليكم احتجاجي العميق، على اعتبار أن هذه المدارس، المنخرطة في برامج محو الأمية الوظيفية للكبار في الوسط القروي وللشباب غير المتمدرسين، إلى جانب برامج الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية [1]، لا تحترم إطلاقًا توصيات اليونسكو المتعلقة بالأهمية الجوهرية للتعليم باللغة الأم . [2]
وكما سبق أن أشرتُ إلى ذلك أمام البنك الدولي [3] ومع وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة السابق السيد شكيب بنموسى [4]، فإن المؤسسات التعليمية المغربية، بما فيها الموجهة إلى المغاربة المقيمين بالخارج (مؤسسة الحسن الثاني للمغاربة المقيمين بالخارج، مجلس الجالية المغربية بالخارج…) [5]، إضافة إلى الوكالة الوطنية المسؤولة عن محو أمية الكبار، ما تزال تواصل تهميش واستبعاد اللغة الأمازيغية الإفريقية الأصيلة، المعترف بها كلغة رسمية منذ أربعة عشر عامًا.
وعليه، فإن هذه المؤسسات المختلفة، بما فيها مبادرة “مدرسة الفرصة الثانية والتعليم الدامج”, لا تستحق أي تمييز أو جائزة، لأنها تخالف المقتضيات التالية:
.1 التوجيهات الملكية التي وردت في خطاب أجدير بتاريخ 17 أكتوبر 2001، حيث أكد صاحب الجلالة الملك محمد السادس أن: » ولأن الأمازيغية مكون أساسي للثقافة الوطنية ، وتراث ثقافي زاخر شاهد على حضورها في كل معالم التاريخ والحضارة المغربية ؛ فإننا نولي النهوض بها عناية خاصة في إنجاز مشروعنا المجتمعي الديمقراطي الحداثي، القائم على تأكيد الاعتبارللشخصية الوطنية ورموزها اللغوية والثقافية والحضارية.«
2.دستور فاتح يوليوز 2011، الذي ينصّ في فصله الخامس بوضوح على أن: «تعد الأمازيغية أيضًا لغة رسمية للدولة، باعتبارها رصيدًا مشتركًا لجميع المغاربة بدون استثناء.«
3. القانون التنظيمي رقم 26.16 المحدد لمراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وإدماجها في التعليم والمجالات ذات الأولوية في الحياة العامة، والذي صادق عليه البرلمان بغرفتيه بالإجماع سنة 2019 (ظهير شريف رقم 1-19-121 بتاريخ 12 محرم 1441 / 12 شتنبر 2019) [6].
4. التوصيات الأممية، ولا سيما تلك التي قدمتها السيدة تيندايي أشيومي، المقررة الخاصة المعنية بأشكال العنصرية والتمييز العنصري وكراهية الأجانب وما يتصل بها من تعصب، عقب زيارتها للمغرب في دجنبر 2018 [7]، وكذا الملاحظات الختامية للجنة القضاء على التمييز العنصري (CERD) حول تقرير المغرب بتاريخ 8 دجنبر 2023 [8].
5. اتفاقية حقوق الطفل (1989)، التي ينصّ فصلها الثامن على التزام الدول الأطراف باحترام حق الطفل في الحفاظ على هويته، بما في ذلك هويته اللغوية.
6. توصياتكم الخاصة، لاسيما في تصريحكم الأخير بمناسبة الذكرى الـ25 لليوم الدولي للغة الأم [9]، حيث أكدتم: …»وبمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين لليوم الدولي للغة الأم، تعيد اليونسكو التشديد على التزامها بصون اللغات المحكية فالعالم أجمع البالغ عددها زهاء 7000 لغة .ومن واجبنا أن نعلي شأن المكاسب الثقافية والمعرفية التي تحققها اللغات، بدل اعتبار تنوعها مصدرا لسوء الفهم و التفاهم.ويقتضي الاعتراف بالمكاسب الت تحققها لغات العالم أولا تمكين كل إنسان من التعلم بلغته الأم، ولا سيما خلال أول سنوات الدراسة التي تكُتسب خلالها الكفاءات الأساسية في مجال القراءة والكتابة، بالتزامن مع النشر التدريجي للغات الوطنية .ونتائج البحوث واضحة بشأن هذه المسألة .فتقرير اليونسكو الجديد الصادر بمناسبة هذا اليوم العالمي المعنون “اللغات لها قيمتها: إرشادات عالمية بشأن التعليم المتعدد اللغات “يلقي الضوء على ما يعود به تعدد اللغات من منافع كثيرة على التعليم .إذ يزيد عدد الأطفال الذين يرتادون المدارس ويحصلون فيها على علامات جيدة إذا تعلموا بلغتهم الأم . ويشعر الأطفال ايضأ بالاعتراف التام بذواتهم إذا خوطبوا بلغتهم الأم في المدرسة، ويصبحون أكثر استعدادا لاستيعاب لغات جديدة .. «.
وبالفعل، ونظرًا للاعتبارات الإيديولوجية والإصرار على تهميش وإقصاء اللغة الأمازيغية الإفريقية الأصيلة كلغة أم، فقد منيت جميع إصلاحات المدرسة المغربية، منذ استقلال البلاد سنة 1956 إلى اليوم، بفشل ذريع! ولذا، فليس غريبًا أن يحتل المغرب فقط المرتبة 110 عالميًا في المجال التعليمي، وفقًا لتقرير Global Justice Index Report 2024 [10]، والمرتبة 120 من بين 193 دولة حسب التقرير الأخير للأمم المتحدة حول مؤشر التنمية البشرية.(IDH)
وفي انتظار مساءلة المسؤولين التربويين بالمملكة المغربية حول الأهمية البالغة لإدراج اللغة الأم الأمازيغية في جميع البرامج التعليمية الوطنية، وفي تلك الموجهة لأبناء الجالية المغربية بالخارج، وكذا ضمن حملات محو أمية الكبار، تقبلوا، السيدة المديرة العامة، فائق عبارات التقدير والاحترام.
رشيد راخا
رئيس التجمع العالمي الأمازيغي
Notes :
[1]- https://amadalamazigh.press.ma/fr/les-amazighs-denoncent-la-discrimination-a-lencontre-de-la-langue-amazighe-dans-les-campagnes-dalphabetisation-des-adultes-au-maroc/ [2]- https://amamazigh.org/2017/11/lama-interpelle-lunesco-sur-limportance-de-la-langue-maternelle-dans-la-resolution-de-la-problematique-de-leducation-au-maroc-et-dans-les-pays-de-tamazgha/ [3]- https://amamazigh.org/2023/04/lassemblee-mondiale-amazighe-interpelle-la-banque-mondiale-sur-le-sujet-de-la-sauvegarde-de-lecole-marocaine/ [4]- https://amadalamazigh.press.ma/fr/lechec-annonce-de-la-reforme-de-la-politique-educative-du-ministre-de-leducation-nationale-du-royaume-du-maroc/ [5]- https://amadalamazigh.press.ma/fr/journee-nationale-de-migrant-discrimination-persistante-a-lencontre-des-amazighs-de-la-communaute-marocaine-residente-a-letranger/ [6]- https://amadalamazigh.press.ma/pdf/26.16.pdf [7]- https://amadalamazigh.press.ma/fr/lonu-demande-au-maroc-dintensifier-les-efforts-pour-que-les-amazighs-ne-soient-pas-victimes-de-discrimination-raciale/ [8]- https://amamazigh.org/2024/01/lassemblee-mondiale-amazighe-demande-au-ministre-marocain-des-affaires-etrangeres-de-respecter-les-recommandations-onusiennes-concernant-les-droits-des-amazighs/ [9]- https://unesdoc.unesco.org/ark:/48223/pf0000392824 [10]- https://link.springer.com/article/10.1007/s41111-025-00311-4