قامت اليومية الفرنسية “لوباريزيان” أواخر فبراير الماضي بالكشف عن خريطة للجيش الفرنسي حول التجارب النووية في الصحراء الجزائرية كانت مصنفة ضمن ملفات سر الأمن لعدة عقود، والتي تمت إزالة صفة سر الأمن عنها في إطار تحقيق جنائي حركه قدماء محاربي حملات التجارب النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية.
وتم نشر هذه الخريطة التي تكشف عن مناطق إشعاع شاسعة ظلت سرية خلال عقود بشكل حصري في عدد جريدة لوباريزيان الذي يبين أن هذه الوثيقة التي لم تعد تحمل صفة سر الأمن تحدد امتداد آثار إشعاعات التجارب النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية. وكتبت اليومية “لأول مرة يكتشف الشعب امتداد الآثار الإشعاعية للتجارب النووية التي أجرتها فرنسا في الصحراء الجزائرية”. و تظهر الخريطة التي نشرتها جريدة لوباريزيان أن الآثار الإشعاعية للتجارب النووية الجوية الفرنسية لم تبقى منحصرة في الصحراء الجزائرية، بل غطت كافة منطقة شمال افريقيا وحتى افريقيا الواقعة جنوب الصحراء. وتمت الإشارة إلى أن 13 يوما بعد تفجير القنبلة الجوية الأولى المعروفة باسم “جاربواز بلو” (اليربوع الازرق) بلغت الآثار الإشعاعية السواحل الاسبانية وغطت نصف منطقة صقيلية (ايطاليا).
وأشارت الجريدة إلى أنه وفقا للمعطيات المتضمنة في الخريطة فإن معايير الإشعاع التي تسببت فيها هذه التجارب “تم تجاوزها بشكل معتبر في بعض المناطق على غرار اراك بالقرب من تمنراست التي كانت نسبة إشعاع مياهها قوية، وكذا في العاصمة التشادية نجامينا بينما أكدت السلطات العسكرية الفرنسية في هذه الملفات المصنفة سر الأمن أن هذه المعايير “كانت جد ضعيفة عامة”. وعلق برونو باريليو وهو مختص في التجارب النووية في حوصلته الخاصة بالوثائق التي أزيلت عنها صفة سر الأمن والتي تحصلت أوج عن نسخة منها يقول “غير أن المعايير في تلك الفترة كانت أقل صرامة عنها الآن. كما أن الاكتشافات الطبية الحديثة تبين أنه حتى بنسب ضعيفة فإن الإشعاع النووي يمكن أن يتسبب عشر سنوات بل عشرين سنة من بعد في بروز أمراض خطيرة”.
وأوضح باريليو أن “الخريطة التي تحدد مناطق أثار “جاربواز بلو” تبين أن بعض العناصر الإشعاعية التي تم بثها اثر الإنفجارات الجوية على غرار اليود 131 أو السيسيوم 137، قد يكونان قد استنشقا من قبل سكان المنطقة بالرغم من انحلالهما في الجو” مضيفا أن لا أحد يجهل اليوم أن هذه العناصر الإشعاعية تعد وراء بروز أمراض السرطان أو أمراض القلب والشرايين. كما تأسف المختص لكون عملية إزالة صفة سر الأمن عن بعض الوثائق”تعد لحد الآن غير مرضية” و لذا يتوجب إعادة النظر في إمكانية الحصول على هذه المعلومات إذا ما أريد معرفة الحقيقة. وذكر المختص أنه بالرغم من “إزالة صفة سر الأمن عن بعض الوثائق منذ 2013 التي يبدو أن محتواها قد فلت من أيادي مراقبي اللجنة الاستشارية فانه يجب الإشارة إلى تخوف وزارة الدفاع من تنفيذ سياسة إزالة صفة سر الأمن عن بعض الوثائق التي لا تزال خاضعة لسر الأمن”. وقال إن الأمر يتعلق من خلال هذه الوثائق المنتقاة من قبل السلطات العسكرية بتبرير الخطاب المعتمد منذ أكثر من نصف قرن بخصوص التجارب “النظيفة” و”انعدام الضرر شبه التام” للآثار الإشعاعية وكذا التجارب الجوفية “التي تم احتوائها بشكل تام”. وأردف يقول “ضف إلى ذلك نظام يسمى ب”نظام تعويض ضحايا التجارب النووية” الذي رفض تقريبا كافة الملفات المودعة بحجة أن الخطر الذي تعرضت له الضحايا “كان هينا“.