أسئلة قانونية مشروعة حول بلاغ الحكومة بشأن الزامية الادلاء بجواز التلقيح للولوج للمرافق العمومية والخاصة

محمد ألمو محامي بهيئة الرباط

حسب مقتضيات المادة 3 من مرسوم قانون رقم 292-20-2الصادر بتاريخ 23مارس 2020 والمتعلق بين احكام خاصة بحالة الطواريء الصحية واجراءات الاعلان عنها يحق للحكومة اتخاذ مختلف التدابير والاجراءات اللازمة للحيلولة دون تفاقم الحالة الوبائية وذلك إما بواسطة مقررات تنظيمية او إدارية او مراسيم أو منشورات اوبلاغات .بغض النظر عن التشريعات الجاري بها العمل .

من الناحية الشكلية هذا النص يمنح الشرعية القانونية الإستثنائية للحكومة لاتخاذ هكذا اجراءات ولو تعارضت مع المقتضيات التشريعية الجاري بها العمل في تجاوز مباح لصلاحيات السلطة التشريعية باعتبار الطابع القانوني لموضوع هاته الإجراءات.

الأمر الذي يبقى معه النقاش الدائر حول تعارض هاته الإجراءات مع حقوق وحريات الأفراد المكفولة دستوريا طرحا غير سليم شكليا ولا يستوعب أصحابه المفهوم القانوني لوضعية حالة الطواريء الصحية والنصوص القانونية المؤطرة لها والمبنية مسبقا على فلسفة احتمال إباحة مخالفة المقتضيات التشريعية الدستورية منها والقانونية والكل بضوء أخضر تمنحه بشكل صريح مقتضيات المادة 3اعلاه للحكومة.

السؤال المطروح :

هل هذه الصلاحيات الإستثنائية الممنوحة للحكومة هي صلاحيات مطلقة ?ام ان قراراتها بهذا الخصوص مقيدة بشروط و اوضاع يجب توفرها ؟

للجواب على هذا السؤال يتعين إعادة تفكيك مضامين المادة 3 اعلاه على شكل شروط موضوعية أوجب مرسوم حالة الطوارئ توفرها :

اولا : أن تكون هاته التدابير لازمة وتقتضيها حالة الطوارئ الصحية .

ثانيا: أن تكون غاية هذه التدابير ضمان التدخل الفوري والعاجل للحيلولة دون تفاقم الحالة الوبائية للمرض.

ثالثا:ان تؤدي الى حماية حياة الاشخاص وضمان سلامتهم

رابعا :(هذا الشرط هو المهم ) ان لا تحول هاته التدابير دون ضمان استمرارية المرافق العمومية الحيوية وتأمين الخدمات المقدمة للمرتفقين.

من خلال استعراض هذه الشروط المقيدة للتدابير الموكولة للحكومة اتخاذها تبدو كل الأسئلة المعبرة عن قلق المواطنين من استغلال حالة الطوارئ الصحية للتعسف في اتخاذ إجراءات خارج الحاجة الراهنة لتدبير الوضعية الوبائية وبشكل ماس بحقوق مشروعة لا علاقة لممارستها بتطور نشاط الوضع الوبائي أسئلة مقبولة ويتعين التفاعل الرسمي معها .

وعليه من حقنا طرح مجموعة من التساؤلات المشروعة المحيطة بالبلاغ الاخير للحكومة والقاضي بالزامية التوفر على جواز التلقيح للولوج للفضاءات العامة والخاصة:

-هل من شأن عملية عزل الاشخاص الملقحين عن الغير الملقحين ان يؤدي بشكل استعجالي الى تحقيق نجاعة فورية للحد من تفاقم الحالة الوبائية للمرض؟

هل فعلا نحن امام حالة تفاقم و بائي لفيروس كورونا ?وهل من جواب علمي على التأثير الإيجابي لهذا الإجراء على حياة الاشخاص وسلامتهم؟

وبشكل أدق الا يحول هذا الاجراء دون ضمان استمرارية المرافق العمومية وتأمين الخدمات الواجب تقديمها للمرتفقين باعتبار ما ستسفر عليه عملية التطبيق من منع الموظفين الغير الملقحين من الولوج لعملهم مما سيؤدي إلى المساس بالسير العادي للمرافق العمومية.

كما ان منع الأفراد من الولوج للمؤسسات العمومية هو في حد ذاته اقرار صريح بحرمانهم من الخدمات العمومية فقط لأنهم غير ملقحين؟ الأمر الذي يجعل هذا الاجراء في حد ذاته مخالف لمقتضيات الفقرة الأخيرة من المادة 3 اعلاه ؟

-الا يؤدي هذا الاجراء بشكل غير مباشر الى حرمان الأفراد من ممارسة مجموعة من الحقوق العادية التي لا تأثير لممارستها على الوضع الوبائي (حق القاضي، الحق في العلاج، الحق في الحصول على الوثائق الإدارية، الحق في توثيق عقد الزواج، و التصريح بالحالة المدنية، الحق في توثيق التصرفات القانونية والحق في الشغل ………)؟

-الا يؤدي التنزيل العملي لهذا الإجراء الى تحميل الأفراد والمؤسسات الخاصة اعباء إضافية قد تزيد عليهم تكاليف مالية وبشرية جديدة هم في غنى عنها وغير ملزمين بها قانونا (استعانة أصحاب المقاهي و المطاعم مثلا بموارد بشرية وتقنية لمراقبة وضعية الزبناء وما يترتب عن ذلك من هدر مجاني لوقت العمل ……)وهو الوضع الذي لا تستوعبه مقتضيات مرسوم اعلان حالة الطوارئ الصحية هذا الأخير لم يتضمن بعد ما يفيد إمكانية تحميل الأفراد تكاليف مالية أو الزامهم بالقيام بأعمال السلطة العمومية؟

ويبقى القضاء الاداري هي الجهة الوحيدة التي ينتظر منها تقديم جواب قانوني على هاته الأسئلة وغيرها باعتبار أن القضاء هو حامي حقوق وحريات الأفراد من اي تعسف من جهة الإدارة علما ان الإجراء المتخذ من قبل الحكومة يخضع لرقابة القضاء الاداري شكلا ومضمونا.

شاهد أيضاً

مواقف للتاريخ: اتحاد كتاب المغرب والعروبة

يعتبر اتحاد كتاب المغرب من أهم الإطارات الثقافية والادبية التي لعبت دورا كبيرا في الثقافة …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *