لحليمي يراوغ ولا انتصار للأمازيغ في معركة الإحصاء

ساعيد الفرواح

عقب الخطوة الإرتجالية التي تكشف عنصرية وعبثية تعامل المندوبية السامية للتخطيط مع الأمازيغية في الإحصاء، التي تم بموجبها تغيير سؤال حول الأمازيغية، وبعد سيران اعتقاد بإنتصار الأمازيغ والإستجابة لمطالبهم من قبل العنصري أحمد لحليمي العلمي الذي يتواجد على رأس المندوبية السامية للتخطيط منذ أزيد من عشر سنوات كما لو كانت شركة خاصة به، ارتأينا تنوير الرأي العام الأمازيغي بالحقائق التالية:

أولا: مندوبية التخطيط لم تغير أي شئ عمليا فيما يتعلق بالسؤال حول الأمازيغية بل غيرت كارثة بأسوأ منها، إذ كل ما قامت به هو أنه بدل أن تسأل المواطنين عن “معرفة الكتابة والقراءة بالأمازيغية بحرف تيفيناغ”، تركت نفس السؤال على حاله باستثناء أنها حذفت الاقتصار على حرف تيفيناغ، بمعنى أن المواطنين لا زالوا سيسألون عن معرفة الكتابة والقراءة بالأمازيغية لكن دون تحديد الحرف، بمعنى سيسألون حتى عن الحرف العربي وهذا أخطر بكثير لو تم البناء عليه مستقبلا إذ قد يؤدي في النهاية إلى التراجع الكلي عن حرف كتابة الأمازيغية كما سبق للحليمي أن فعل في إشهار الإحصاء، حيث كتب الأمازيغية بالحروف العربية، بل قبل ذلك صرح حين هاجم الأمازيغ الداعين لمقاطعة الإحصاء أن ما يريد معرفته من وراء الإحصاء هو عدد المواطنين الذين يكتبون الأمازيغية بحرف تيفيناغ والحرف العربي والحرف الفرنسي، قبل أن يغير استمارة الإحصاء لتنسجم حاليا مع تصريحات سابقة له، ولتضليل الرأي العام الأمازيغي وجعله يعتقد أنه تمت الإستجابة لمطالبه.

ثانيا: بتغييره لما ورد في استمارة الإحصاء بخصوص الأمازيغية أياما قبل إجرائه يكشف أحمد الحليمي على أن عمله عبثي ولا يستند على أي أساس علمي، بل تؤطره أهواء إيديولوجية عروبية معادية للأمازيغية، وإن حقق الأمازيغ إنتصارا في معركة الإحصاء فيتعلق بفضح عبثية وعنصرية المندوبية السامية للتخطيط، وهو ما يجب أن يستثمر لتقوية حملة مقاطعة الإحصاء ومواجهة كل المؤامرات التي تستهدف الأمازيغية والأمازيغ.

ثالثا: إن ما يطالب به الأمازيغ حسب ما سبق للتجمع العالمي الأمازيغي أن أعلنه هو إقالة أحمد الحليمي بسبب تزويره لنسبة الأمازيغ في إحصاء سنة 2004 حيث جعلهم أقل حتى من نسبة المغاربة الذين يتحدثون بالفرنسية، وسعيه حاليا لتزوير إحصاء 2014، بالإضافة لتطبيق ما ورد في تقرير الأمم المتحدة المراجع والمنقح من طرف شعبة الإحصاءات للأمم المتحدة برسم دورة إحصاءات 2010، إذ فيما يخص اللغة أورد ثلاث أنواع من البيانات المتعلقة باللغة الأم يمكن جمعها في التعداد، وتشمل:

اللغة الأم، وتعرف بأنها اللغة التي يتكلمها الفرد في طفولته المبكرة.

اللغة المستخدمة عادة، وتعرف بأنها اللغة التي يتكلمها الفرد في الوقت الراهن، أو في أغلب الأحيان، في منزله

القدرة على التخاطب بلغة معينة أو أكثر.

 وفي سياق جمع البيانات عن اللغة المستعملة أو عن اللغة الأم، تؤكد الأمم المتحدة على “أهمية بيان كل لغة لها أهمية عددية في البلاد لا اللغة السائدة فحسب“.

رابعا: إن أحمد الحليمي بتغييره لسؤال الأمازيغية وبتصريحاته وبكتابته لإشهار الإحصاء بحروف عربية خالف قرارا رسميا للدولة المغربية يقضي بكون تيفيناغ هو الحرف الرسمي لكتابة الأمازيغية الذي يجب أن تتبناه مختلف المؤسسات الرسمية وضمنها المندوبية السامية للتخطيط ، كما خالف أحمد الحليمي نص الدستور المغربي الذي جعل من الأمازيغية لغة رسمية، إلى جانب مخالفته للمعايير الدولية في إجراء الإحصاءات سواء في إستمارة الإحصاء الأولى أو المعدلة بشكل مرتجل وعبثي ومخادع، هذا بالإضافة لتجاهله لمؤسسة رسمية أكاديمية أحدثها الملك نفسه وهي المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية حين وضعه لأسئلة استمارة الإحصاء.

إن الأمازيغ مدعوون جميعا للتعبئة والإستعداد للرد على مؤامرة تستهدف مكاسب هشة انتزعوها بعد عقود طويلة من النضال، وإن كنا نتحدث عن المخزن العروبي كثيرا في خطابات الحركة الأمازيغية فبمحاولة بسيطة لتجسيده سنجد أن شخصا ك”أحمد لحليمي العلمي” يمثل أحد وجوهه البارزة وهو الذي ينتمي إلى أحد أقوى اللوبيات العروبية بالمغرب، ولا أدل على ذلك من تواجده منذ نهاية التسعينيات في أرقى مناصب الدولة إلى جانب احتكاره لمنصب مندوب سامي في التخطيط لعشر سنوات، بالإضافة لتواجد أبنائه في أعلى هرم مؤسسات حساسة للدولة كالقيادة العليا للدرك الملكي وصندوق الإيداع والتدبير، دون أن ننسى كونه ينتمي لحزب الإتحاد الإشتراكي وكل الأمازيغ يعرفون جرائم هذا الحزب ضدهم طوال عقود وضمنها تصفية المقاومة وجيش التحرير والهجوم على الريف أواخر سنة 1958 وبداية سنة 1959، دون أن ننسى أن نفس الحزب تجاهل المطالبة بترسيم الأمازيغية في التعديلات الدستورية لسنة 2011.

شاهد أيضاً

لمحات من تاريخنا المعاصر.. التعريب الإيديولوجي في المغرب

بدأت بوادر التعريب الإيديولوجي في المغرب منذ الثلاثينات من القرن الماضي اي بعد أن قضى …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *