‘تغيلت’.. ‘الجيدو’ الأمازيغي الذي اقتحم ‘أولمبياد’ روما

“تغيلت” رياضة مصارعة أمازيغية قديمة، ما تزال بعض المناطق في شمال أفريقيا تحافظ عليها، وقد أطلق عليها الأمازيغ عدة أسماء منها: كريش وتمصلابت وغيرها.

من قرقنة إلى أوروبا
ظهرت هذه الرياضة في جزيرة قرقنة بتونس، ومنها انتقلت إلى كامل مناطق شمال أفريقيا، فمارسها أهل قفصة (في تونس) في حدود 8000 سنة قبل الميلاد، وقد وجدت رسوم حائطية في منطقة وجود الحضارة القبصية تدلّ على هذا، كما مارسها الليبيون.

تُشبه “تغيلت” رياضة المصارعة الإغريقية واليونانية، وقد حافظت على زخمها قرونا طويلة، فمورست في الفترات الإسلامية، في عهد الأغالبة والموحدين والمرابطين والزيريين والحفصيين.
قبل ذلك انتقلت هذه الرياضة إلى روما الإمبراطورية، وباتت جزءا من المنافسات الأولمبية التي كانت تنظم وقتها، وهو ما يشير إليه الباحث الليبي في الآثار، خالد محمد الهدّار، من خلال كتاب “أولمبينكاي، الفائزون في الألعاب الأولمبية القديمة”.

ويذكر الهدّار، في مدونته، أن أبطالا ليبيين شاركوا في الأولمبياد الروماني، في رياضة المصارعة وغيرها من الرياضات، وحققوا انتصارات.

كَريش.. تمصلابت
عند أمازيغ قرقنة سميت هذه الرياضة “كَريش” أو “زكَارة”، وهي شبيهة برياضة الجيدو في الصين واليابان.
يتصارع في هذه الرياضة متنافسان، والهدف هو أن يسقط أحدهما الآخر في أسرع وقت ممكن، ويكون الصراع مرفوقا بإيقاع على الدف.

أما في مناطق الأطلس بالمغرب وشمال الجزائر فتسمى “تغليت” و”تمصلابت”، ومصدرها الكلمة الأمازيغية “أصلاب” وتعني النطح، ويشرف على المباراة حكم له الكلمة الفصل في توقيف المصارعة أو الإعلان عن الفائز، والمخالفات والعقوبات.

يمارس “تغيلت” شخصان راشدان من ذوي القوة والوزن، ويحرص الجمهور على حضور هذه الرياضة، التي تشبه أجواؤها الأولمبياد، ولا يجوز للمتصارعين الخروج من ساحة المصارعة المحدّدة بشكل دائري.

قواعد تغيلت
يُشترط في تغيلت أن يتصارع المتنافسان بأيدٍ فارغة خالية من القفازات، ودون استعمال الأرجل، وخلال المباراة يحاول كل طرف الإمساك بالآخر بإحكام من ذراعيه أو خصره أو رقبته، ويُمنع أن يلمس أحدهما الجزء السفلي للخصم، وإذا ما لمس أحدهما الآخر الجزء الممنوع (الجزء السفلي) أكثر من مرة، فيعني هذا إقصاءه بصفة نهائية.

يُشترط أيضا، أن يَمنح أقوى المتنافسين الطرف الآخر الفرصة ليمسكه بإحكام في بداية المباراة، وعندها تكون صافرة انطلاق المباراة، وتستمر المصارعة إلى أن يسقُط أحد المتباريين ما يعني آليا فوز الطرف الآخر.

وتسمح هذه الرياضة لممارسيها باكتساب أجسام قوية، كونها تعتمد المقدرة على رفع الخصم أو سحبه من أجل إسقاطه، كما تعتمد على الدفاع، فلا يسمح أحد الطرفين للآخر بأن يتمكّن من إسقاطه.

وحتى يكون لهذه الرياضة بعد اجتماعي، كان الأمازيغ يمارسونها في المواسم، مثل أعياد الربيع أو رأس السنة، كما كانت تنظّم للإصلاح بين شخصين متخاصمين.

* أصوات مغاربية

اقرأ أيضا

في الدفاع عن العلمانية المغربية: رد على تصريحات ابن كيران

اطلعت على تصريحاتك الأخيرة التي هاجمت فيها من وصفتهم بـ”مستغلي الفرص لنفث العداء والضغينة في …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *