نظمت فدرالية رابطة حقوق النساء ندوة وطنية لتقديم مذكرة تحت عنوان: من أجل منظومة جنائية عصرية ضامنة لحقوق النساء وللحريات الأساسية وملائمة للدستور والمواثيق الدولية لحقوق الانسان، وذلك اليوم الجمعة 22 نونبر 2024، بفندق إيبيس بالرباط.
وذلك بناء على ارتكاز أنظمة العدالة الجنائية على ركيزتين أساسيتين: الأولى هي آلية التجريم والعقاب والتي تتجسد في نصوص قانونية موضوعية، تحدد الأفعال المجرمة قانوناً والعقوبات المقررة لها، والثانية تهتم بتنفيذ هذه النصوص في شكل مقتضيات إجرائية، تهدف إلى ضمان المحاكمة العادلة.
ورغم أن القوانين، سواء الموضوعية أو الإجرائية، تصاغ بصفة عامة لضمان المساواة بين جميع المخاطبين بها، إلا أن هذه المساواة حسب الفدرالية لا تعكس خصوصية السياقات التي تطبق فيها وفي كثير من الأحيان، يؤدي هذا الغياب إلى تمييز ضمني ضد بعض الفئات، خاصة النساء مما يحدث فجوة بين النص القانوني والممارسات الواقعية.
في هذا الإطار، أكدت اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة على ضرورة أن تعترف الدول بالأشكال المتداخلة للتمييز، وأثرها السلبي المركب على وضعية النساء والفتيات.
وحسب الفدرالية تواجه المنظومة الجنائية في مغرب اليوم تحديات كبيرة تتطلب مراجعة شاملة وعميقة تتماشى مع التحولات الدستورية والاجتماعية ومع إشعاع المغرب الدولي والتزاماته في مجال حقوق الإنسان، المساواة بين الجنسين، والحريات الأساسية فرغم التطورات التي شهدها النظام القانوني، إلا أن النظام الجنائي التقليدي لا يزال يعتمد على آليات العقاب دون أن يمنح الأولوية المعالجة الجذور الاجتماعية للسلوكيات المخالفة، أو توفير بيئة قانونية تضمن المساواة الفعلية والحرية الشخصية والجماعية لكافة المواطنين والمواطنات.
ويتطلب كذلك تحولا نحو منظومة جنائية حديثة تعزز الحريات الأساسية وتضمن حقوق النساء والأطفال. عبر معالجة الأسباب الجذرية للجرائم ودعم العدالة الاجتماعية.
ونتيجة عدم استحضار السياقات الواقعية التي تؤثر في أوضاعهن، تعاني النساء والفتيات في المغرب من التمييز بشكل واضح في عدد من النصوص القانونية وفي عدد من الممارسات، ويحتاج تحديث المنظومة الجنائية المغربية إلى إدماج صريح للمقاربة الحقوقية ومقاربة النوع الاجتماعي بشكل شامل ومتكامل، بما يكفل حق النساء في الإنصاف وفي الوصول إلى العدالة على قدم المساواة، ويضمن حمايتهن من التمييز.
ومن ابرز التحديات التي كشفت عنها تقارير ومذكرة الفدرالية نجد: ضعف الإطار المفاهيمي الوارد في عدد من القوانين وهو ما يشوش على وضوح القاعدة القانونية الجنائية، وعدم ملاءمة آلية التجريم والعقاب مع المعايير الدولية لحقوق الانسان، من خلال تجريم افعال تتنافى مع مبدأي الضرورة والتناسب، وعدم تجريم أفعال أخرى رغم انها تشكل ابرز تجليات العنف ضد النساء، وإعطاء الأولوية في التشريع الجنائي للمقاربة الأمنية على حساب المقاربة الحقوقية.
ومن ضمنها أيضا نجد اتساع الهوة بين التطورات المجتمعية المتلاحقة وبين النصوص الجنائية الثابتة، بحيث أصبح النموذج القانوني لعدد من الأفعال المجرمة متجاوزاً في الواقع، وهكذا ضعف إعمال المقاربة الحقوقية ومقاربة النوع الاجتماعي على مستوى المقتضيات الإجرائية، بشكل يمس بفعلية الولوج الى العدالة والى سبل الانتصاف القضائي
أزمة العقوبة السالبة للحرية قصيرة المدة، وما نتج عن الإفراط في التجريم من تقشي ظاهرة اكتظاظ السجون وفشل برامج ادماج نزلاء المؤسسات السجنية، وهو ما أدى. الى ضعف الثقة في مدى جدوى العقوبات التقليدية في تحقيق النجاعة المطلوبة. وعدم الالتقائية بين القوانين وبين السياسات العمومية.