صرخة العدد 181/يناير 2016/2966

نحن الآن في السنة الخامسة والأخيرة من عمر حكومة عبد الإله بنكيران، من دون أن يتم اتخاذ أي قرار فيما يخص الحقوق اللغوية والثقافية الأمازيغية أو يتم تفعيل ترسيم الأمازيغية أو حتى احترام التصريح الحكومي الذي صرح به في بداية ولايته، إذ استمر منع الحديث بالأمازيغية داخل قبتي مجلس النواب ومجلس المستشارين على حد سواء، كما تواصلت التراجعات وتجاهل الصوت الأمازيغي الذي ظل يرتفع مطالبا بالتفعيل الفوري للدستور وإقرار رأس السنة الأمازيغية عيدا وطنيا، دون أن تجد كل هذه المطالب آذانا صاغية سواء من طرف الحكومة أو من طرف غرفتي البرلمان بأغلبيته ومعارضته.

مبررات تلو أخرى كررها البرلمان والحكومة على مسامعنا فيما يخص تفعيل رسمية الأمازيغية، قبل أن يتم الإعلان عن قرارات مفعمة بالغموض في آخر سنة للحكومة والبرلمان الحاليين فيما يخص صياغة القانون التنظيمي للأمازيغية، وذلك بإعلان الحكومة عن فتح الباب لتلقي مقترحات الجمعيات والفعاليات المدنية، وبالموازاة مع ذلك تحرك مجلس المستشارين من جانبه في نفس الإطار وبشكل يبدو منفصلا عن الحكومة.

هكذا إذن وحين لم تتبقى إلا بضعة أشهر على نهاية ولاية الحكومة والبرلمان الحاليين، تتخذ القرارات لصياغة قانون الأمازيغية وفق أجندة زمنية تقل عن سنة، ما يجعلنا نتساءل بإستغراب عن هدف كل ذلك الحديث الذي راج طيلة الأربع سنوات الماضية حول كون القانون التنظيمي للأمازيغية يكتسي حساسية ويتطلب وقتا ولا يجب التسرع في صياغته، كما نتساءل عن محل كلام رئيس الحكومة سابقا حول كون تفعيل رسمية الأمازيغية من اختصاص جهات عليا وليس وحده من يتحمل مسؤولية تنزيل الدستور.

فجأة ظهر أن القانون التنظيمي للأمازيغية لا تتطلب صياغته سوى بضعة أشهر من الحكومة، وهو ما يزكي تأكيدنا المتكرر لسنوات على وجود تماطل مفضوح وغياب إرادة سياسية حقيقية، ولكن ما يثير مخاوفنا هو أن الجهة التي ظلت تماطل وتناور طيلة ما مضى من الوقت هي نفسها التي تعكف حاليا على صياغة قانون الأمازيغية، ووفق مقاربة بعيدة عن ما نطمح إليه وتخالف ما سبق أن دعونا إليه بخصوص قانون الأمازيغية الذي يجب أن يوكل للجنة خاصة، كما هو الحال بالنسبة للقانون التنظيمي للمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، حرصا على جعل الأمازيغية بعيدة عن الحسابات السياسية الضيقة والمزايدات الحزبية الصغيرة.

إذن من الطبيعي بالنظر لما طبع عمل الحكومة الحالية، طيلة السنوات الماضية، من تسويف وتجاهل لكل ما يتعلق بالأمازيغية، أن نترقب بحذر خطواتها خاصة أن السيد عبد الإله بنكيران بالغ في الإصرار حتى على عدم إقرار حقوق أمازيغية رمزية، كالاعتراف برأس السنة الأمازيغية عيدا وطنيا مؤدى عنه، وقابل كل هذه المطالب برفض شديد، بل أكثر من ذلك فقد غاب في عمله أي تجاوب من أي نوع كان مع الأمازيغ، سواء في ملف الأراضي وملف الأسماء الأمازيغية وملف التعليم وملف الإعلام ناهيك عن ما خفي وكان أعظم.

وبالرجوع إلى هذه المنهجية التشاركية التي أطلق وفقها رئيس الحكومة صياغة القوانين التنظيمية، من المفروض عند صياغة أي مشروع القانون التنظيمي للأمازيغية أن يعاد إرساله إلى كل من ساهموا في وضع المقترحات، حتى يتبين إلى أي حد تم احترام مقترحاتهم ومجهوداتهم وتطلعاتهم المشروعة التي ناضلوا عليها لسنوات، وسنكون حريصين على أن تحترم تلك المنهجية وأن تترجم المضامين الدستورية كما ينبغي.

إننا نتمنى بكل صدق أن يصاغ القانون التنظيمي للأمازيغية دون مزايدات سياسية وبلا عنصرية باطنة ويتم تجنب أي تمييز سلبي، لكي يرقى إلى ما يتطلع إليه الأمازيغ، وإلا فإن عواقب ذلك ستكون وخيمة، لأننا إلى حدود الآن نقابل السيئة بالحسنة، ونرجو أن لا يتم إغفال كلامنا والاستهانة به إلى أن يأتي اليوم الذي ستقابل فيه أجيال من الأمازيغ السيئة بمثلها وآنذاك سيكون ذلك من حقها، ونقول ما نقوله على خلفية كل ما سبق، وكذلك عقب خروج برلمانيي حزب العدالة والتنمية وعدد من السياسيين والمثقفين المغاربة، ليدلوا بدلوهم في إقدام محتجين أمازيغ بأكادير على حرق صور السيد بنكيران، وهو الحدث الذي يعطي مؤشرات غير مطمئنة ليس فقط فيما يمكن أن تؤدي إليه سياسة التنكر للحقوق الأمازيغية، وإنما حتى في نوعية التواصل الذي يتجاوب معه سياسيينا ومسؤولينا.

إن مراعاة مبدأ المساواة والتمييز الإيجابي للأمازيغية تعويضا لها عن عقود التهميش والتمييز، أمر لا محيد عنه كما أن الدستور المغربي لم يورد ما يفيد بوجود تراتبية فيما يخص اللغات الرسمية، وثمة مساواة ظاهريا وضمنيا بين اللغتين الرسميتين، وتبقى ترجمة المضامين الدستورية في القانون التنظيمي للأمازيغية، رهينة على ما يبدو بإرادة الحكومة في الفترة الحالية، فإن كان عملها في مستوى تطلعاتنا ربح البلد وشعبه، وإن لم يكن خسروا، وسنعمل على أن تعلو المصلحة العليا للوطن، لكن هل ستعمل الأحزاب الممثلة في الحكومة على ذلك وفي مقدمتها حزب رئيسها؟

و قديما قال الحكيم الأمازيغي:

 ⵀⴰⵏ ⴰⵎⵙⵓⴷ ⵉⴳⴰⵜ ⵡⴰⵍⵍⵉ ⵉⵡⵉⵏ ⵡⴰⵎⴰⵏ

ⴰⵔ ⵉⵜⵜⵉⵏ ⵀⴰ ⵏⴽ ⵉⵡⵉⵖ ⴰⵎⴰⵏ

Han amsud igat walli iwin waman

Ar ittini ha nk iwigh aman

صرخة العدد 181 / يناير – جريدة العالم الأمازيغي

شاهد أيضاً

أمينة ابن الشيخ

صرخة العدد 278 مارس 2024/2974

المرأة نصف المجتمع، إن لم تكن المجتمع كله، نقول هذا الكلام ليس اعتباطا، بل استنادا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *