رشيد الحاحي
اتصل بي وطالبني العديد من الأصدقاء والمناضلين بإبداء رأيي في موضوع الأمازيغية والأحزاب السياسية المثار للنقاش، أعتذر عن التأخير بسبب التزامات مهنية، وهذه وجهة نظري التي سبق أن أدليت ببعضها في الجامعة والندوة التي نظمتها شبيبة حزب التجمع الوطني للأحرار قبل أسبوع بمراكش:
– لا يكفي أن يعبر السيد عزيز أخنوش رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار ولا السيد عبد الله غازي النائب البرلماني وعضو المكتب السياسي، كما لا يكفي أن يعبر السيد سعد الدين العثماني أمين عام حزب العدالة والتنمية وسي عبد اللطيف أعمو عن حزب التقدم والاشتراكية وسي الحسين أزكاغ عن حزب الاستقلال مثلا، عن مواقف إيجابية من الأمازيغية وتدبير التعدد اللغوي والثقافي الوطني والدفاع عن ذالك سواء خلال كلماتهم بأنشطة الحزب أو اللقاءات مع بعض المحسوبين على الحركة الأمازيغية، وحتى داخل اللجن، وهم مشكورين على هذا التحول الهام في مسار تنظيماتهم، لكي تتغير مقاربة الحزب كليا ويؤدي دوره السياسي والتشريعي والحكومي في هذا الملف كما هو مطلوب ومنتظر، الأمر أعقد من ذلك.
– نعلم أن الأحزاب في المغرب تنظيمات غير منسجمة في بنياتها وهياكلها وتركيبتها البشرية وممثليها وفرقها وفروعها المجالية، وحتى في مواقفها وهويتها السياسية والايديولوجية ، حيث تتجاذبها تقديرات ومصالح وولاءات ظرفية وأحيانا عابرة ومتقلبة، وهو ما يجعل من الصعب التعويل عليها في حسم مواقفها والوفاء بها في قضايا حديثة ولا تزال دات طابع خلافي وموضوع لتدبير التوازنات السياسية كموضوع الأمازيغية.
– هندسة الدستور هي جزء أساسي منه تعكس تراتبية وأهمية ودلالات مقتضياته، فقضايا اللغات والثقافة والهوية في نص الدستور تم التنصيص عليها في الديباجة وفي الباب الأول الخاص بالأحكام العامة، ومباشرة بعد الفصول الخاصة بالسيادة ونظام الحكم والدين والعلم، مما يعني أن جميع المؤسسات بما فيها المؤسسة الملكية والأحزاب السياسية والإطارات المدنية والنقابية، وكل القطاعات الحكومية، ليست مطالبة فقط بل ملزمة بتعديل وتكييف أوراقها وأرضياتها ومشاريعها السياسية وأطروحاتها الإيديولوجية ومخططاتها وبرامجها مع هده المقتضيات الدستورية وعلى رأسها التنصيص على أن الأمازيغية مكون أساسي للهوية والثقافة الوطنية ، وأن الأمازيغية لغة رسمية للدولة.
– سبق أن أقام حزب الأصالة والمعاصرة، والدي كان أمينه العام السابق السيد إلياس العماري وحتى الحالي السيد حكيم بنشماس والعديد من أعضائه وبرلمانييه يجهرون دفاعهم عن الحقوق اللغوية والثقافية الأمازيغية، العديد من اللقاءات والملتقيات والندوات، بل حتى والأيام الدراسية بمؤسسة مجلس المستشارين، حول مواضيع تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وتدبير التعدد اللغوي وتبادل التجارب، وإنشاء التحالفات، وعمل العديد من أطر وباحثي ونشطاء الحركة الأمازيغية على المساهمة في هندستها والمشاركة فيها، وهى تجربة هامة في سياق ما بعد دستور وحراك 2011، وتحولات الخطاب السياسي الرسمي والحزبي فيما يرتبط بالأمازيغية، والمقاومة التي كان يبديها رئيس الحكومة السابق لتفعيل هذا المقتضى الدستوري. لكن أليس المطلوب أيضا من أطر ومكونات الحركة الأمازيغية تقييم هدا المسار وهدا التعاطي، وعدم تكرار نفس الأخطاء والانتباه إلى تهافت بعض الإنتهازيين المبتدئين، وعدم إقحام الأمازيغية في سياق تدابير ظرفية أو توازنات عابرة، ومعرفة كيفية جعلها في هده المرحلة موضوعا للتنافس الايجابي ؟
– الامتحان الهام الدي ينتظر حزب التجمع الوطني للأحرار بعد أن التزم رئيس الحزب بجزء من خطاب الإطارات المدنية الأمازيغية، بحكم تواجده في الحكومة، هو العمل على تعديل وتجويد مشروعي القانونين التنظيميين لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وإحداث المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية وفق المقترحات الترافعية للإطارات الأمازيغية والحقوقية، خاصة أنه شكلت لجنة تضم ممثلي الأغلبية الحكومية للحسم في الموضوع مما يعني أن قرارها سيكون سياسيا ويجب أن يعكس التزامات حزب التجمع الفعلية.
الامتحان الثاني للحزب سيكون هو مدى قدرته فعلا على تحويل هدا التصريح والالتزام اتجاه الأمازيغية إلى موضوع تملك كل مكونات الحزب بمكتبه السياسي وفريقه البرلماني ومنتخبيه وأعضائه، بدأ بتعديل الأوراق السياسية للحزب وتجسيد دلك من خلال ممارستهم السياسية والمؤسساتية، وعدم تكرار تجرية الأحزاب الأخرى التي كانت تعتبر حليفة، تقدم الوعود في الصباح وتخونها في المساء عند أول إغراء أو إشارة أو تبادل أو تراتب وتقلب المصالح.