«العالم الأمازيغي» كانت ولازالت صوت من لا صوت له

عبدالنبي ادسالم – صحافي بالقناة الثامنة وصحافي سابق بـ«العالم الأمازيغي»: «العالم الأمازيغي» كانت ولازالت صوت من لا صوت له

الحديث عن جريدة «العالم الأمازيغي» في ذكراها العشرون لتأسيسها هو حديث عن جزء لا يتجزأ من النضال الأمازيغي، ذلك ما للإعلام من أدوار شتى وأهمها توصيل خطاب ومطالب أية حركة للجمهور والشعب والمسؤولين داخل دواليب الدولة، والمنظمات الحقوقية والسياسية داخليا وخارجيا، ذلك أن لولا الإعلام لما عرف الناس الكثير من قضايا الشعوب والأمم، ولما تم التفاعل مع مطالبهم معاناتهم ومآسيهم، وهذا هو الدور الذي لعبته وتلعبه إلى اليوم جريدة «العالم الأمازيغي» منذ تأسيسها سنة 2001، بمعية جرائد أخرى للأسف لم تصمد كثيرا ك”تسافوت” التي تصدرها سابقا منظمة تماينوت، و”تامونت” لجمعية البحث والتبادل الثقافي ، و”أكراو أمازيغ”، وجريدة “تاويزا” لصاحبها الأستاذ محمد بودهان والتي كانت هي الأخرى صوت مميز من بين أصوات الإعلام الأمازيغي لكن للأسف توقفت هي الأخرى عن الصدور، ثم جريدة “تمازيغت” للمرحوم الأستاذ أحمد الدغرني وغيرها من المنابر التي جعلت من الأمازيغية أولى أوليات خطها التحريري.

شخصيا كانت لي تجربة ما يقارب خمس سنوات بجريدة «العالم الأمازيغي» التي التحقت بهيئة تحريرها أواخر سنة 2006 الى سنة 2010، مكان الزميل عزيز أجهبلي الذي غادرها إلى جريدة «الرأي» آنداك ومنها إلى جريدة «العلم»، وبكل صراحة فجريدة «العالم الأمازيغي» هي المدرسة التي فتحت لي أبواب ولوج مهنة المتاعب بعدما كنت أتنقل هنا وهناك. ومنها تعلمت الكثير من أدبيات العمل الصحفي عبر طاقمها التحريري ومن خلال الكثير من الدورات التكوينية في مجال الإعلام والإتصال والكتابة الصحفية، التي شاركت فيها بحكم انتمائي إلى هذا الجسم الصحفي ومنها دورات لمؤسسات ومنظمات دولية كـ«بريس ناو presse now» الدولية، وتكوينات المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية وغيرها من المنتديات، وهو ما أغنى رصيدي المعرفي في هذا المجال من خلال تلك الدروس التي لقنها لنا أساتذة المدارس العليا للإعلام والإتصال ومتخصصين في علوم الإعلام مما جعلني من خلال منبر جريدة «العالم الأمازيغي» أن أنزل على صفحاتها ما تعلمته من قواعد وميكانيزمات الإشتغال الصحفي، والتمييز بين أجناس مهنة المتاعب من التحقيق والإستطلاع والربورتاج والخبر والوثائقي، والرأي وغيرها، هذا الأمر كان له وقع خاص وإيجابي جدا في مساري المهني خاصة لحظة ولوجي القناة الأمازيغية سنة 2010، وقبلها الإذاعة الأمازيغية ونشرة الأخبار بالأمازيغية بالقناة الأولى كمتدرب لمدة تقارب السنة، حيث أن التراكم المهني داخل جريدة «العالم الأمازيغي» حفزني وأهلني كثيرا لأكون واحد من بين الربان الذين قادوا سفينة قناة تمازيغت في أولى أيام إبحارها.

كما كان لجريدة «العالم الأمازيغي» فضل كبير في توسيع وامتداد شبكة علاقاتي الصحفية مع زملاء اخرين بمنابر أخرى يومية أكانت أو أسبوعية، وكذا ربط علاقات مع سياسيين ومفكرين وناشطين حقوقيين وآخرون عبر تغطية أنشطتهم، وعبر إجراء حوارات برفقتهم حول القضايا التي يشتغلون عليها أكانت ثقافية حقوقية أو سياسية، خاصة في صفوف الحركة الأمازيغية حيث كانت بمثابة قناة لتوصيل خطاب تنظيمات الحركة الأمازيغية بمختلف تلاوينها وأطيافها من جمعيات وتنسيقيات ومنظمات دولية والحركة الثقافية بالجامعة والحزب الأمازيغي وباقي المكونات المهتمة بالوضع الحقوقي الأمازيغي بالمغرب.

فعلى كل حال فجريدة «العالم الامازيغي» كانت صوت من لا صوت له في المغرب خاصة وفي شمال افريقيا والدياسبورا عامة، وهنا لابد من التذكير بالدور الكبير الذي لعبته الجريدة في التقريب بين الإخوة الأمازيغ بباقي بلدان تمازغا في الجزاىر والطوارق بمالي وأمازيغ جزر الكناري وبليبيا ودول أوروبا، من خلال تنظيم ملتقيات وندوات دولية للتعريف بهم وبقضاياهم وفتح صفحات الجريدة للتعبير عن واقعهم المعاش خصوصا فيما يتعلق بالوضع اللغوي والثقافي والسياسي ببلدانهم، والعمل على توطيد العلاقات بينهم وتبادل وجهات النظر فيما يخص استراتيجيات الترافع والنضال من أجل القضية الأمازيغية.

فجريدة «العالم الأمازيغي» عادة ما اشتغلت على ملفات حقوقية وسياسية واجتماعية كبرى وساخنة خاصة منها تلك المرتبطة بالمغرب العميق وبالإنسان الأمازيغي بالدرجة الأولى، كدسترة الأمازيغية وضرورة ولوجها الى كل مناحي الحياة العامة ومؤسسات الدولة من الإعلام والتعليم والقضاء…، ملفات نزع أراضي السكان الأصليين، نهب الثروات والمعادن «إميضر نموذجا»، حقوق المرأة والطفل بالعالم القروي، قضية الصحراء كجزء لا يتجزأ من أراضي تمازغا وشمال أفريقيا، مواكبة انتفاضات وحركات اجتماعية كان لها صوت وصدى قويان داخل المجتمع المغربي، كأيت باعمران والريف والجنوب الشرقي وغيرها، إلى جانب تتبع كل مستجدات ملف المعتقلين السياسيين الأمازيغ، وكثير من الملفات التي لها إرتباط وثيق بمطالب الحركة الأمازيغية.

وتبقى جريدة «العالم الأمازيغي» واحدة من التجارب والمؤسسات الإعلامية الأمازيغية التي ساهمت بشكل كبير في الدفع بالقضية الأمازيغية في كل جوانبها ومستوياتها بشكل حر ونزيه، غايته ترسيخ مبادئ الديمقراطية وحقوق الانسان والتعدد، فكل وسيلة إعلامية كيفما كانت ولابد أن تكون صوتا جماهيريا، يعبر عن أفكارها ونضالاتها ومطالبها بغية تحقيقها وكذلك صوت «العالم الأمازيغي».

شاهد أيضاً

أكادير: “إيقاعات تامازْغا” يحصد الجائزة الكبرى لمهرجان “إيسْني نْ وُرْغْ” الدولي للفيلم الأمازيغي

فاز فيلم “ايقاعات تامازغا” لمخرجه الأمازيغي طارق الارديسي، بالجائزة الكبرى “تامازغا” لمهرجان (اسني ن ورغ) …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *